نَشْأَةُ الْمَكْتَبَاتِ فِي الْعَصْرِ الإِسْلاَمِيِّ
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
نَشْأَةُ الْمَكْتَبَاتِ فِي الْعَصْرِ الإِسْلاَمِيِّ
نَشْأَةُ الْمَكْتَبَاتِ فِي الْعَصْرِ الإِسْلاَمِيِّ
كَانَتِ الْكُتبُ قَبْلَ اخْتِرَاعِ الطِّبَاعَةِ غَالِيَةَ الثَّمَنِ، لاَ يَقْتَنِيهَا إلاَّ الأَغْنِيَاءُ، لأَنَّهَا كَانَتْ مَخْطُوطَاتٍ مُرِتَفِعَةَ التَّكَالِيفِ، ولِذَلِكَ قَامَ الْقَادِرُونَ مِنْ مُحِبِّي الْعِلْمِ بِإِنْشَاءِ الْمَكْتَبَاتِ، يَجْمَعُونَ فِيهَا الْكُتُبَ، ويَفْتَحُونَ أَبْوَابَهَا لِلرَّاغِبِينَ فِي الْقِرَاءَةِ والْبَحْثِ، وكَانَتْ هَذِهِ الْمَكْتَبَاتُ تُؤَدِّي مَا تُؤَدِّيهِ مَعَاهِدُ الْعِلْمِ والْجَامِعَاتِ فِي الْوَقْتِ الْحاضِرِ.
وقَدِ اهْتَمَّ الْمُسْلِمُونَ بِأَبْنِيَةِ الْمَكْتَبَاتِ الْعامَّةِ الّتِي كَانَتْ تُعَدُّ لاِسْتِقْبَالِ الْجَمَاهِيرِ، وكَانَ الْبِنَاءُ مُزَوَّدَاً بِحُجْرَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ تَرْبِطُ بَيْنَهَا أَرْوِقَةٌ وَاسِعَةٌ، وكَانَتِ الرُّفُوفُ تُثَبَّتُ بِجِوَارِ الْجُدْرَانِ لِتُوضَعَ فِيهَا الْكُتُبُ.
وكَانَتْ هُنَاكَ أَرْوِقَةٌ للاِطِّلاَعِ وأُخْرَى لِلنَّسْخِ وبَعْضُهَا لِحَلَقَاتِ الدِّرَاسَةِ. وشَمَلَتْ بَعْضُ الْمَكْتَبَاتِ كَذَلِكَ حُجُرَاتٍ لِلْمُوسِيقا يَذْهَبُ إلَيْها الْمُطَالِعُونَ لِلتَّرْفِيهِ وتَجْدِيدِ النَّشَاطِ وكَانَتْ جَمِيعُ الْحَجُرَاتِ مُؤَثَّثَةً تَأْثِيثاً فَخْماً مُرِيحاً وقَدْ فُرِشَتِ الأَرْضُ بِالْبُسُطِ.
وكَانَتْ لِهَذِهِ الْمَكْتَبَاتِ فَهَارِسُ مُنَظَّمَةٌ تَتَنَاوَلُ عَنَاوِينَ الْكُتُبِ وأَسْمَاءَ الْمُؤَلِّفِينَ. وقَدْ كَانَ لِمَكْتَبَةِ "الْحَكَمِ" في الأَنْدَلُسِ فَهَارِسُ دَقِيقَةٌ ومُنَظَّمَةٌ. وكَذَلِكَ كَانَ لِمَكْتَبَةِ "دَارِ الْحِكْمَةِ"فِي الْقَاهِرَةِ فَهْرَسٌ كَبِيرٌ. وكانَتْ اسْتِعَارَةُ الْكُتُبِ مُبَاحَةً وإنْ وُضِعَتْ عَلَيْهَا قُيُودٌ لِتَنْظِيمِ الْعَمَلِ. فَكَانَتْ مَكْتَبَةُ الْقاهِرَةِ لا تُعِيرُ كُتُباً إلاَّ لِلسَّاكِنِينَ فِي الْقاهِرَةِ فَقَطْ، وأَحْيَاناً يُطْلَبُ إلَى الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَدْفَعَ ضَمَاناً ولَكِنْ يُعْفَى الْعُلَمَاءُ مِنْ دَفْعِ الضَّمَانِ أَوِ التَّأْمِينِ، وكَانَتِ الاِسْتِعَارَةُ الْخَارِجِيَّةُ مُحَدَّدَةً بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ لا يَزِيدُ عَنْ شَهْرَيْنِ.
وقَدْ قَامَتِ التَّرْجَمَةُ بِدَوْرٍ كَبِيرٍ فِي هَذِهِ النَّهْضَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وكَانَتِ النَّهْضَةُ أَوَّلَ الأَمْرِ مَقْصُورَةً عَلَى الدِّرَاسَاتِ الدِّينِيَّةِ واللُّغَوِيَّةِ، وأَوَّلُ مَنْ عُرِفَتْ لَهُ مَكْتَبَةٌ فِي الإِسْلاَمِ هُوَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ سَنَةَ 85 هَجْرِيَّةً، فَقَدِ اهْتَمَّ بِإِخْرَاجِ كُتُبِ الْقُدَمَاءِ وتُرْجِمَتْ لَهُ كُتُبُ الطِّبِّ والْكِيمْيَاءِ، فَقَدْ أَحْضَرَ جَمَاعَةً مِنْ فَلاَسِفَةِ الْيُونَانِ وأَمَرَهُمْ بِنَقْلِ الْكُتُبِ إلَى الْعَرَبِيَّةِ، وقَدْ بَلَغَ عَهْدُ التَّرْجَمَةِ شُهْرَتَهُ الْوَاسِعَةَ فِي عَهْدِ الْخَلِيفَةِ هَارُونَ الرَّشِيدِ فَكَانَ بِالْمَكْتَبَاتِ الْعامَّةِ والْخَاصَّةِ الْمُتَرْجِمُونَ والنُّسَّاخُ فَتُحْضَرُ الْكُتُبُ لِلنُّسَّاخِ لِيَنْقُلُوا صُوَراً مِنْهَا تُزَوَّدُ بِها الْمَكْتَبَةُ.
وإِذا خَافَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ أَوْ صَاحِبُهُ مِنْ إِعارَتِهِ لِلْمَكْتَبَةِ، اِنْتَقلَ إِلَيْهِ النُّسَّاخُ فِي مَنْزِلِهِ لِيَقُومُوا بِعَمَلِيَّةِ الْكِتَابَةِ تَحْتَ إِشْرَافِهِ. وقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بِمَكْتَبَةِ "بَنِي عَامِرٍ" بِطَرَابُلْسِ الشَّامِ مَائَةٌ وثَمَانُونَ ناسِخاً فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعاتِ النَّهَارِ أَوِ اللَّيْلِ.
ويُعْتَبَرُ "بَيْتُ الْحِكْمَةِ" الّذِي أَنْشَأَهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ أَوَّلَ مَكْتَبَةٍ عامَّةٍ ذَاتِ شَأْنٍ فِي الْعالَمِ الإِسْلاَمِيِّ. فَقدْ كَانَ مَرْكَزاً عِلْمِيّاً يَجْتَمِعُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ لِلْبَحْثِ والدَّرْسِ ويَلْجَأُ إِلَيْهِ الطُّلاَّبُ.
ويُعْتَبَرُ عَصْرُ الْخَلِيفَةِ الْمَأْمُونِ أَزْهَى عُصُورِ "بَيْتِ الْحِكْمَةِ" حَيْثُ نَقَلَ إِلَيْهَا عَدَداً كَبِيراً مِنْ كُتُبِ الْيُونانِ والْفُرْسِ والْهِنْدِ وكَلَّفَ الْمُتَرْجِمِينَ بِتَرْجَمَتِها.
ومِنَ الْمَكْتَبَاتِ الْمَشْهُورَةِ "دَارُ الْحِكْمَةِ" الَّتِي أُنْشِئَتْ فِي آخِرِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ بِالْقَاهِرَةِ، وقَدْ حُمِلَتْ إلَيْهَا الْكُتُبُ مِنْ خَزَائِنِ الْقُصُورِ وسُمِحَ بِدُخُولِهَا لِعامَّةِ الشَّعْبِ، فَمِنْهُمْ مِنْ يَحْضُرُ لِلْقِرَاءَةِ، ومِنْهُمْ مَنْ يَحْضُرُ لِلنَّسْخِ، ومِنْهُمْ مِنْ يَحْضُرُ لِلدَّرْسِ. وكَانَ الْبِنَاءُ الْمُخَصَّصُ لِهَذِهِ الْمَكْتَبَةِ عَظِيماً جِدّاً إذْ كانَتْ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعِينَ خِزَانَةً، تَسَعُ الْوَاحِدَةُ نَحْوَ 18.000 كِتَابٍ، وكَانَتِ الرُّفُوفُ مَفْتُوحَةً والْكُتُبُ فِي مُتَنَاوَلِ الْجَمِيعِ.
هَكَذَا كَانَتْ نَظْرَةُ الإسْلاَمِ والْمُسْلِمِينَ لِلْمَكْتَبَةِ: غِذاءً لِلْعَقْلِ ومَكاناً لِلْعِلْمِ ومَرْكَزاً لِلْبَحْثِ.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
مِنْ كِتابِ "تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدّمه"
تأليف الدّكتور عبد الحليم منتصر
كَانَتِ الْكُتبُ قَبْلَ اخْتِرَاعِ الطِّبَاعَةِ غَالِيَةَ الثَّمَنِ، لاَ يَقْتَنِيهَا إلاَّ الأَغْنِيَاءُ، لأَنَّهَا كَانَتْ مَخْطُوطَاتٍ مُرِتَفِعَةَ التَّكَالِيفِ، ولِذَلِكَ قَامَ الْقَادِرُونَ مِنْ مُحِبِّي الْعِلْمِ بِإِنْشَاءِ الْمَكْتَبَاتِ، يَجْمَعُونَ فِيهَا الْكُتُبَ، ويَفْتَحُونَ أَبْوَابَهَا لِلرَّاغِبِينَ فِي الْقِرَاءَةِ والْبَحْثِ، وكَانَتْ هَذِهِ الْمَكْتَبَاتُ تُؤَدِّي مَا تُؤَدِّيهِ مَعَاهِدُ الْعِلْمِ والْجَامِعَاتِ فِي الْوَقْتِ الْحاضِرِ.
وقَدِ اهْتَمَّ الْمُسْلِمُونَ بِأَبْنِيَةِ الْمَكْتَبَاتِ الْعامَّةِ الّتِي كَانَتْ تُعَدُّ لاِسْتِقْبَالِ الْجَمَاهِيرِ، وكَانَ الْبِنَاءُ مُزَوَّدَاً بِحُجْرَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ تَرْبِطُ بَيْنَهَا أَرْوِقَةٌ وَاسِعَةٌ، وكَانَتِ الرُّفُوفُ تُثَبَّتُ بِجِوَارِ الْجُدْرَانِ لِتُوضَعَ فِيهَا الْكُتُبُ.
وكَانَتْ هُنَاكَ أَرْوِقَةٌ للاِطِّلاَعِ وأُخْرَى لِلنَّسْخِ وبَعْضُهَا لِحَلَقَاتِ الدِّرَاسَةِ. وشَمَلَتْ بَعْضُ الْمَكْتَبَاتِ كَذَلِكَ حُجُرَاتٍ لِلْمُوسِيقا يَذْهَبُ إلَيْها الْمُطَالِعُونَ لِلتَّرْفِيهِ وتَجْدِيدِ النَّشَاطِ وكَانَتْ جَمِيعُ الْحَجُرَاتِ مُؤَثَّثَةً تَأْثِيثاً فَخْماً مُرِيحاً وقَدْ فُرِشَتِ الأَرْضُ بِالْبُسُطِ.
وكَانَتْ لِهَذِهِ الْمَكْتَبَاتِ فَهَارِسُ مُنَظَّمَةٌ تَتَنَاوَلُ عَنَاوِينَ الْكُتُبِ وأَسْمَاءَ الْمُؤَلِّفِينَ. وقَدْ كَانَ لِمَكْتَبَةِ "الْحَكَمِ" في الأَنْدَلُسِ فَهَارِسُ دَقِيقَةٌ ومُنَظَّمَةٌ. وكَذَلِكَ كَانَ لِمَكْتَبَةِ "دَارِ الْحِكْمَةِ"فِي الْقَاهِرَةِ فَهْرَسٌ كَبِيرٌ. وكانَتْ اسْتِعَارَةُ الْكُتُبِ مُبَاحَةً وإنْ وُضِعَتْ عَلَيْهَا قُيُودٌ لِتَنْظِيمِ الْعَمَلِ. فَكَانَتْ مَكْتَبَةُ الْقاهِرَةِ لا تُعِيرُ كُتُباً إلاَّ لِلسَّاكِنِينَ فِي الْقاهِرَةِ فَقَطْ، وأَحْيَاناً يُطْلَبُ إلَى الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَدْفَعَ ضَمَاناً ولَكِنْ يُعْفَى الْعُلَمَاءُ مِنْ دَفْعِ الضَّمَانِ أَوِ التَّأْمِينِ، وكَانَتِ الاِسْتِعَارَةُ الْخَارِجِيَّةُ مُحَدَّدَةً بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ لا يَزِيدُ عَنْ شَهْرَيْنِ.
وقَدْ قَامَتِ التَّرْجَمَةُ بِدَوْرٍ كَبِيرٍ فِي هَذِهِ النَّهْضَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وكَانَتِ النَّهْضَةُ أَوَّلَ الأَمْرِ مَقْصُورَةً عَلَى الدِّرَاسَاتِ الدِّينِيَّةِ واللُّغَوِيَّةِ، وأَوَّلُ مَنْ عُرِفَتْ لَهُ مَكْتَبَةٌ فِي الإِسْلاَمِ هُوَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ سَنَةَ 85 هَجْرِيَّةً، فَقَدِ اهْتَمَّ بِإِخْرَاجِ كُتُبِ الْقُدَمَاءِ وتُرْجِمَتْ لَهُ كُتُبُ الطِّبِّ والْكِيمْيَاءِ، فَقَدْ أَحْضَرَ جَمَاعَةً مِنْ فَلاَسِفَةِ الْيُونَانِ وأَمَرَهُمْ بِنَقْلِ الْكُتُبِ إلَى الْعَرَبِيَّةِ، وقَدْ بَلَغَ عَهْدُ التَّرْجَمَةِ شُهْرَتَهُ الْوَاسِعَةَ فِي عَهْدِ الْخَلِيفَةِ هَارُونَ الرَّشِيدِ فَكَانَ بِالْمَكْتَبَاتِ الْعامَّةِ والْخَاصَّةِ الْمُتَرْجِمُونَ والنُّسَّاخُ فَتُحْضَرُ الْكُتُبُ لِلنُّسَّاخِ لِيَنْقُلُوا صُوَراً مِنْهَا تُزَوَّدُ بِها الْمَكْتَبَةُ.
وإِذا خَافَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ أَوْ صَاحِبُهُ مِنْ إِعارَتِهِ لِلْمَكْتَبَةِ، اِنْتَقلَ إِلَيْهِ النُّسَّاخُ فِي مَنْزِلِهِ لِيَقُومُوا بِعَمَلِيَّةِ الْكِتَابَةِ تَحْتَ إِشْرَافِهِ. وقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ بِمَكْتَبَةِ "بَنِي عَامِرٍ" بِطَرَابُلْسِ الشَّامِ مَائَةٌ وثَمَانُونَ ناسِخاً فِي أَيِّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعاتِ النَّهَارِ أَوِ اللَّيْلِ.
ويُعْتَبَرُ "بَيْتُ الْحِكْمَةِ" الّذِي أَنْشَأَهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ أَوَّلَ مَكْتَبَةٍ عامَّةٍ ذَاتِ شَأْنٍ فِي الْعالَمِ الإِسْلاَمِيِّ. فَقدْ كَانَ مَرْكَزاً عِلْمِيّاً يَجْتَمِعُ فِيهِ الْعُلَمَاءُ لِلْبَحْثِ والدَّرْسِ ويَلْجَأُ إِلَيْهِ الطُّلاَّبُ.
ويُعْتَبَرُ عَصْرُ الْخَلِيفَةِ الْمَأْمُونِ أَزْهَى عُصُورِ "بَيْتِ الْحِكْمَةِ" حَيْثُ نَقَلَ إِلَيْهَا عَدَداً كَبِيراً مِنْ كُتُبِ الْيُونانِ والْفُرْسِ والْهِنْدِ وكَلَّفَ الْمُتَرْجِمِينَ بِتَرْجَمَتِها.
ومِنَ الْمَكْتَبَاتِ الْمَشْهُورَةِ "دَارُ الْحِكْمَةِ" الَّتِي أُنْشِئَتْ فِي آخِرِ الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ بِالْقَاهِرَةِ، وقَدْ حُمِلَتْ إلَيْهَا الْكُتُبُ مِنْ خَزَائِنِ الْقُصُورِ وسُمِحَ بِدُخُولِهَا لِعامَّةِ الشَّعْبِ، فَمِنْهُمْ مِنْ يَحْضُرُ لِلْقِرَاءَةِ، ومِنْهُمْ مَنْ يَحْضُرُ لِلنَّسْخِ، ومِنْهُمْ مِنْ يَحْضُرُ لِلدَّرْسِ. وكَانَ الْبِنَاءُ الْمُخَصَّصُ لِهَذِهِ الْمَكْتَبَةِ عَظِيماً جِدّاً إذْ كانَتْ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعِينَ خِزَانَةً، تَسَعُ الْوَاحِدَةُ نَحْوَ 18.000 كِتَابٍ، وكَانَتِ الرُّفُوفُ مَفْتُوحَةً والْكُتُبُ فِي مُتَنَاوَلِ الْجَمِيعِ.
هَكَذَا كَانَتْ نَظْرَةُ الإسْلاَمِ والْمُسْلِمِينَ لِلْمَكْتَبَةِ: غِذاءً لِلْعَقْلِ ومَكاناً لِلْعِلْمِ ومَرْكَزاً لِلْبَحْثِ.
*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*
مِنْ كِتابِ "تاريخ العلم ودور العلماء العرب في تقدّمه"
تأليف الدّكتور عبد الحليم منتصر
رد: نَشْأَةُ الْمَكْتَبَاتِ فِي الْعَصْرِ الإِسْلاَمِيِّ
جزاكما الله خيرا
و الله اللسان عاجز عن شكركما
و الله اللسان عاجز عن شكركما
عاشق الجنه- عضو فضي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
عـــدد المساهمـــات : 1234
رد: نَشْأَةُ الْمَكْتَبَاتِ فِي الْعَصْرِ الإِسْلاَمِيِّ
أشكر أخي
إبراهيم على تعاونه الدّائم، وأقترح أن يتبع هذا الموضوع تتمّة لفروعه بأُخَّر عن:
-نشأة
المدارس والمعاهد في العالم الإسلاميّ،
-ف
"المساجد الجامعة"
-وربّما
أيضا "تاريخ الكتابة والتّدوين"
-و"تاريخ
إنشاء أهمّ المدن العربيّة وكيفيّة تخطيطها"
وأتمنّى
أن يثري الأعضاء هذا الرّكن الهامّ بما يزيد معرفتنا بتاريخنا وتاريخ البشريّة.
إبراهيم على تعاونه الدّائم، وأقترح أن يتبع هذا الموضوع تتمّة لفروعه بأُخَّر عن:
-نشأة
المدارس والمعاهد في العالم الإسلاميّ،
-ف
"المساجد الجامعة"
-وربّما
أيضا "تاريخ الكتابة والتّدوين"
-و"تاريخ
إنشاء أهمّ المدن العربيّة وكيفيّة تخطيطها"
وأتمنّى
أن يثري الأعضاء هذا الرّكن الهامّ بما يزيد معرفتنا بتاريخنا وتاريخ البشريّة.
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
تاريخ المدارس والمعاهد الإسلاميّة
تَارِيخُ الْمَدَارِسِ والْمَعَاهِدِ الْعِلْمِيَّةِ فِي الْعَالَمِ الإِسْلاَمِيِّ
الْمَسْجِدُ هُوَ الأَسَاسُ الأَوَّلُ لِلْمَدْرَسَةِ فِي حَضَارَتِنَا، فَهُوَ لَيْسَ مَكَانَ عِبَادَةٍ فَحَسْبُ بَلْ مَدْرَسَةٌ يَتَعَلَّمُ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ الْقِرَاءَةَ والْكِتَابَةَ وعُلُومَ الشَّرِيعَةِ واللُّغَةَ وفُرُوعَ الْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ. ثُمَّ أُقِيمَ بِجَانِبِ الْمَسْجِدِ الْكُتَّابُ وخُصِّصَ لِتَعْلِيمِ الْقِرَاءَةِ والْكِتَابَةِ والْقُرْآنِ وَشَيْءٍ مِنْ عُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ والرِّيّاضِيَّاتِ وكَانَ الْكُتَّابُ يُشْبِهُ الْمَدْرَسَةَ الاِبْتِدَائِيَّةَ فِي عَصْرِنَا الْحَاضِرِ.
ثُمَّ قَامَتِ الْمَدْرَسَةُ بِجَانِبِ الْكُتَّابِ والْمَسْجِدِ، وكَانَتِ الدِّرَاسَةُ فِيهَا تُشْبِهُ الدِّرَاسَةَ الثَّانَوِيَّةَ والْعَالِيَةَ الآنَ، التَّعْلِيمُ فِيهَا بِالْمَجَّانِ ولِمُخْتَلِفِ الطَّبَقَاتِ فَلاَ يَدْفَعُ الطُّلاَّبُ فِي دِرَاسَتِهِمْ الثَّانَوِيَّةِ والْعَالِيَةِ رَسْماً مَا مِنْ رُسُومِ الدِّرَاسَةِ، ولَمْ يَكُنِ التَّعْلِيمُ فِيهَا لِفِئَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ دُونَ فِئَةٍ بَلْ كَانَتْ فُرْصَةُ التَّعْلِيمِ مُتَوَفِّرَةً لِلْجَمِيعِ.
يَجْلِسُ فِيهَا ابْنُ الْفَقِيرِ بِجَانِبِ ابْنِ الْغَنِيِّ وابْنُ التَّاجِرِ بِجَانِبِ ابْنِ الصَّانِعِ والْمُزَارِعِ. والدِّرَاسَةُ فِيهَا قِسْمَانِ: قِسْمٌ دَاخِلِيٌّ لِلْغُرَبَاءِ الّذِينَ لاَ تُسَاعِدُهُمْ أَحَوَالُهُمْ أَنْ يَعِيشُوا عَلَى نَفَقَاتِ آبَائِهِمْ، وقِسْمٌ خَارِجِيٌّ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمَسَاءِ إِلَى أَهْلِهِ. أَمَّا الْقِسْمُ الدَّاخِلِيُّ فَهُوَ بِالْمَجَّانِ أَيْضاً، يُهَيَّأُ لِلطَّالِبِ فِيهِ الطَّعَامُ والنَّوْمُ والْمُطَالَعَةُ والْعِبَادَةُ وبِذَلِكَ كَانَتْ كُلُّ مَدْرَسَةٍ تَحْتَوِي عَلَى مَسْجِدٍ وفُصُولٍ لِلدِّرَاسَةِ وغُرَفٍ لِنَوْمِ الطُّلاَّبِ ومَكْتَبَةٍ ومَطْبَخٍ وحَمَّامٍ، وكَانَتْ بَعْضُ الْمَدَارِسِ –فَوْقَ ذَلِكَ- تَحْتَوِي عَلَى مَلاَعِبَ لِلرِّيَاضَةِ الْبَدَنِيَّةِ فِي الْهَوَاءِ الطَّلْقِ. ولا تَزَالُ لَدَيْنَا حَتَّى الآنَ نَمَاذِجُ مِنْ هَذِهِ الْمَدَارِسِ الّتِي انْتَشَرَتْ فِي الْعَالَمِ الإِسْلاَمِيِّ كُلِّهِ، مِثْلُ الْمَدْرَسَةِ النُّورِيَّةِ الّتِي أَنْشَأَهَا نُورُ الدِّينِ الشَّهِيدُ فِي دِمَشْقَ، ومِثْلُ الْجَامِعِ الأَزْهَرِ الّذِي بَنَاهُ جَوْهَرٌ الصِّقِلِيُّ فِي الْقَاهِرَةِ.
ولَمْ يَكُنِ الْمُدَرِّسُونَ فِي صَدْرِ الإِسْلاَمِ يَأْخُذُونَ أَجْراً عَلَى تَعْلِيمِهِمْ حَتَّى إِذَا تَقَدَّمَتِ الْحَضَارَةُ وبُنِيَتِ الْمَدَارِسُ جُعِلَ لِلْمُدَرِّسِينَ فِيهَا رَوَاتِبُ شَهْرِيَّةٌ كَانَتْ كَافِيَةً لِيَعِيشُوا عِيشَةً سَعِيدَةً، ولَمْ يَكُنْ يَجْلِسُ لِلتَّدْرِيسِ إلاَّ مَنْ شَهِدَ لَهُ الشُّيُوخُ بِالْكَفَاءَةِ. وكَانَ لِلْمُدَرِّسِينَ مَلاَبِسُ خَاصَّةٌ بِهِمْ وقَدْ أَخَذَ الْغَرِبِيُّونَ عَنْ مُدَرِّسِي الأَنْدَلُسِ زِيَّهُمْ فَهُوَ أَصْلُ الزِّيِّ الِعْلِمْيِّ الْمَعْرُوفِ الآنَ فِي الْجَامِعاتِ الأُورُوبِيَّةِ.
لَقَدْ كَانَتِ الْمَدَارِسُ تَمْلأُ مُدُنَ الْعَالَمِ الإِسْلاَمِيِّ ويَذْكُرُ التَّارِيخُ بِكَثِيرٍ مِنَ الإِعْجَابِ عَدَداً مِنْ أُمرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَهُمُ الْفَضْلُ الأَوَّلُ فِي إنْشَاءِ الْمَدَارِسِ فِي مُخْتَلِفِ الْبِلاَدِ، مِنْهُمُ صَلاَحُ الدِّينِ الأَيُوبِيُّ ونُورُ الدِّينِ الشَّهِيدُ وقَدْ كَانَتْ نِظَامِيَّةُ بَغْدَادَ أُولَى الْمَدَارِسِ النَّظَامِيَّةِ وأَهَمَّهَا، دَرَسَ فِيهَا مَشَاهِيرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا بَيْنَ الْقَرْنِ الْخَامِسِ والتَّاسِعِ الْهَجِرِيِّ، وقَدْ بَلَغَ عَدَدُ طُلاَّبِهَا سِتَّةَ آلاَفِ طَالِبٍ يَتَعَلَّمُونَ بِالْمَجَّانِ.
كَمْ كَانَتْ حَضَارَتُنَا رَائِعَةً فِي تَارِيخِ الْمَعَاهِدِ الْعِلْمِيَّةِ، وكَمْ كَانَ لِلإِسْلاَمِ مِنْ فَضْلٍ فِي نَشْرِ الْعِلْمِ ورَفْعِ مُسْتَوَى الثَّقَافَةِ الْعَامَّةِ وتَيْسِيرِ سُبُلِهَا لِجَمِيعِ أَبْنَاءِ الشَّعْبِ!
الدَّكتور مصطفى السِّباعيّ
(من روائع حضارتنا، بتصرّف)
(من روائع حضارتنا، بتصرّف)
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2016, 19:32 من طرف أبو إلياس
» الله هو الغنيُّ المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:29 من طرف أبو إلياس
» صفة من صفات أهل الإسلام
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:27 من طرف أبو إلياس
» آداب الإنترنت: فنون المعاتبة .. ومعالجة الأخطاء
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:26 من طرف أبو إلياس
» مركز اللغات بجامعة المدينة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 18:35 من طرف أبو إلياس
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 00:34 من طرف Nassima Tlemcen
» aidez-moi vite svp
الثلاثاء 12 يناير 2016, 16:30 من طرف أبو إلياس
» حوليات وزارة التربية 2012 في العلوم الطبيعية
الجمعة 04 ديسمبر 2015, 13:04 من طرف lynda2013
» لمـــــــــــــــــــاذا تبـــــــكي النّســـــــــــــــــــاء
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 18:46 من طرف أبو إلياس