فلسطين الشّهيدة
4 مشترك
منتديات بني ورثيلان التعليمية :: المكتبــــــــةالأدبيــــــــة والثقافيــــــــة :: همسات ثقافيـــة
صفحة 1 من اصل 1
فلسطين الشّهيدة
فِلَسْطِينُ الشَّهِيدَةُ
رِحَابُ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ مِثْلُ رِحَابِ مَكَّةَ والْمَدِينَةِ. وقَدْ قَالَ اللهُ فِي الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، فِي سُورَةِ الإِسْرَاءِ: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ.) لِيُعَرِّفَنَا بِفَضْلِ تِلْكَ الرِّحَابِ فَكُلُّ مَا هُوَ وَاقِعٌ بِهَا كَأَنَّهُ وَاقِعٌ بِرِحَابِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ومَسْجِدِ طَيْبَةَ.
حَمَى الإِسْلاَمُ تِلْكَ الرِّحَابَ مِنْ أَيَّامِهِ الأُولَى وحَمَى جَمِيعَ مُقَدَّسَاتِ جَمِيعِ الْمِلَلِ وكَفَّ عَادِيَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وعَاشَ الْيَهُودُ تِلْكَ الْقُرُونَ الطَّوِيلَةَ يَنْعَمُونَ بِرَخَاءِ الْعَيْشِ وحُرِّيَّةِ الْمُعْتَقَدِ واحْتِرَامِ الْمَعَاهِدِ.
تَزَاوَجَ الاِسْتِعْمَارُ الاِنْجْلِيزِيُّ الْغَاشِمُ بِالصُّهْيُونِيَّةِ الشَّرِهَةِ فَأَنْتَجَا لِقِسْمٍ كَبِيرٍ مِنَ الْيَهُودِ الطَّمَعَ الأَعْمَى الَّذِي أَنْسَاهُمْ كُلَّ ذَلِكَ الْجَمِيلِ وقَذَفَ بِهِمْ عَلَى فِلَسْطِينَ الآمِنَةِ والرِّحَابِ الْمُقَدَّسَةِ فَأَحَالُوهَا جَحِيماً لاَ يُطَاقُ وجَرَحُوا قَلْبَ الإِسْلاَمِ والْعَرَبِ جُرْحاً لاَ يَنْدَمِلُ.
نَقُولُ: "لِقِسْمٍ كَبِيرٍ مِنَ الْيَهُودِ" لأَنَّ هُنَاكَ مِنَ الْيَهُودِ عَدَداً كَثِيراً يَسْتَنْكِرُ هَذَا الْمَأْتَى الْجُنُونِيَّ الظَّلُومَ ويَعْتَرِفُ بِجَمِيلِ الإِسْلاَمِ والسَّعَادَةِ الَّتِي نَعَمَ بِهَا الْيَهُودُ ويَهُودُ الْقُدْسِ فِي ظِلِّهِ الْوَارِفِ الأَمِينِ. فَقَدْ قَدَّمَ رَئِيسُ الطَّائِفَةِ السَّامِرِيَّةِ إِلَى حَاكِمِ نَابُلْسَ عَرِيضَةً اِحْتَجَّ فِيهَا بِاسْمِ الطَّائِفَةِ عَلَى الاِعْتَدَاءَاتِ الأَثِيمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عَلَى الْعَرَبِ فِي الْقُدْسِ وحَيْفَا ويَافَا هَذَا نَصُّهَا: "نَحْنُ أَفْرَادَ الطَّائِفَةِ السَّامِرِيَّةِ رِجَالاً ونِسَاءً، نَسْتَنْكِرُ بِشِدَّةٍ أَعْمَالَ الاِعْتِدَاءَاتِ الْفَظِيعَةِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا أَشْخَاصٌ مِنَ الْيَهُودِ ضِدَّ قَوْمٍ أَبْرِيَاءَ فِي حَيْفَا ويَافَا والْقُدْسِ ونَطْلُبُ بِشِدَّةٍ الْحَيْلُولَةَ دُونَ تَكْرَارِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ الْمُرَوِّعَةِ ونُصَرِّحُ بِأَنَّنَا –عَلَى أَقَلِّيَّتِنَا- نَعِيشُ مُنْذُ أُلُوفِ السِّنِينَ مَعَ مُوَاطِنِينَا الْعَرَبِ فِي سَلاَمٍ ولَمْ يَحْدُثْ أَنِ اعْتَدَى مِنْهُمْ أَحَدٌ عَلَيْنَا أَوْ حَاوَلَ اضْطِهَادَنَا."
هَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الْعَامَّةُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِلَسْطِينُ أُلُوفَ السِّنِينَ حَتَّى جَاءَ الزَّوْجَانِ الْمَشْؤُومَانِ الصُّهْيُونِيَّةُ والاِسْتِعْمَارِيَّةُ فَكَانَ الْبَلاَءُ عَلَى فِلَسْطِينَ كُلِّهَا عَرَبِهَا ويَهُودِهَا.
فَلَيْسَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ كُلِّ عَرَبِ فِلَسْطِينَ ويَهُودِهَا ولا بَيْنَ كُلِّ مُسْلِمٍ ويَهُودِيٍّ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، بَلِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الصُّهْيُونِيَّةِ والاِسْتِعْمَارِ الاِنْكْلِيزِيِّ مِنْ جِهَةٍ والإِسْلاَمِ والْعَرَبِ مِنْ جِهَةٍ والضَّحِيَّةُ فِلَسْطِينُ والشُّهَدَاءُ حُمَاةُ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ والْمَيْدَانِ رِحَابِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى.
وكُلُّ مُسْلِمٍ مُسْؤُولٌ أَعْظَمَ الْمَسْؤُولِيَّةِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مَا يَجْرِي هُنَالِكَ مِنْ أَرْوَاحٍ تُزْهَقُ وصِغَارٍ تُيَتَّمُ ونِسَاءٍ تُرَمَّلُ وأَمْوَالٍ تُهْلَكُ ودِيَارٍ تُخَرَّبُ وحُرُمَاتٍ تُنْتَهَكُ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَاقِعاً بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ إِنْ لَمْ يَعْمَلْ لِرَفْعِ ذَلِكَ الظُّلْمِ الفَظِيعِ بِمَا اسْتَطَاعَ.
يُرِيدُ الاِسْتِعْمَارُ الاِنْكْلِيزِيُّ الْغَاشِمُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الصُّهْيُونِيَّةَ الشَّرِهَةَ لِقَسْمِ الْجِسْمِ الْعَرَبِيِّ وحَطِّ قُدْسِ الإِسْلاَمِ فَيَمْلأَ فِلَسْطِينَ بِالصُّهْيُونِيِّينَ الْمَنْبُوذِينَ مِنْ أُمَمِ الْعَالَمِ. ولأَجْلِ هَذِهِ الْغَايَةِ الظَّالِمَةِ تُجَنَّدُ الْجُنُودُ الاِنْكْلِيزُ وتُجَمَّعُ أَمْوَالُ الصُّهْيُونِيِّينَ وتُسْفَكُ الدِّمَاءُ الْبَرِيئَةُ وتُلَطَّخُ بِهَا الرِّحَابُ الْمُقَدَّسَةُ.
يَجْرِي كُلُّ هَذَا وتَرْتَفِعُ أَصْوَاتُ الْعَالَمِ الإِسْلاَمِيِّ والْعَالَمِ الْعَرَبِيِّ بِالاِحْتِجَاجِ والاِسْتِنْكَارِ ويُخَاطِبُ مُلُوكُ الْعَرَبِ والإسْلاَمِ حُكُومَةَ الاِنْجْلِيزِ فَلاَ تَزِيدُ آذَانُهَا إِلاَّ صَمَماً ولاَ قَلْبُهَا إِلاَّ تَحَجُّراً.
نَقُولُ: "الْعَالَمَ الإِسْلاَمِيَّ والْعَالَمَ الْعَرَبِيَّ"، لأَنَّنَا لَمْ نَرَ ولَمْ نَسْمَعْ مِنْ غَيْرِهِمَا احْتِجَاجاً واسْتِنْكَاراً صَارِخاً. حَتَّى الَّذِينَ يُقِيمُونَ الدُّنْيَا ويُقْعِدُونَهَا بِصُرَاخِهِمْ ويَبْذُلُونَ مُسَاعَدَاتِهِمْ فِي أَوْطَانٍ أُخْرَى لَمْ نَرَهُمْ إِزَاءَ فِلَسْطِينَ الشَّهِيدَةِ إِلاَّ سُكُوتاً أَوْ شِبْهَ سُكُوتٍ وشَتَّانَ مَا بَيْنَ مَنْ يُرِيدُ الْمُقَاوَمَةَ ومَنْ يُرِيدُ رَفْعَ الْمَلاَمِ!
نَحْنُ الْمُسْلِمينَ أعْدَاءُ الظُّلْمِ بِطَبِيعَتِنَا الإِسْلاَمِيَّةِ وَنَرْحَمُ الْمَظْلُومَ ولَوْ كَانَ هُوَ ظَالِماً لَنَا. مُنْذُ أَيَّامٍ كُنْتُ فِي حَانُوتِ تَاجِرٍ مُسْلِمٍ وقَدْ قَرَأَ عَلَيَّ أَخْبَاراً عَنِ اضْطهَاداتٍ أَلْمَانِيَّةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى الْيَهُودِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقَرَاءَةِ قَالَ لِي:
-هَذَا يَا شِيخْ حْرَامْ عَنْدْنَا فِي الإِسْلاَمْ: احْنَا نْخَلِّي النَّاسْ كُلْهُمْ يْعِيشُوا بِأَمْوَالْهُمْ!"
فَقُلْتُ لَهُ:
-نَعَمْ!
وأَخَذْتُ أُبَيِّنُ لَهُ كَيْفَ عَاشَ الْيَهُودُ فِي ظِلِّ الإِسْلاَمِ. هَذَا عَامِّيٌّ مِنْ أَوَسَاطِ النَّاسِ، مُتَمَسِّكٌ بِدِينِهِ ومُتَأَلِّمٌ مِنْ حَالَةِ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ ويَعْرِفُ أَنَّ بَلاَءَهَا مِنْ مُهَاجَرَةِ يَهُودِ أَلْمَانِيَا وغَيْرِهِمْ ومَعَ ذَلِكَ يَسْتَنْكِرُ مَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ. وهَاهُمُ الْيَهُودُ الْيَوْمَ قَدْ شَرَّدَتْهُمْ أَلْمَانْيَا ومِنْ قَوَانِينِهَا الْجَدِيدَةِ عَلَيْهِمْ بَيْعُ أَمْلاَكِهِمْ بِبرْلِينَ بِالْمَزَادِ الْعَامِّ ومَنْعُهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الاِمْتِلاَكِ ومَنْعُهُمْ مِنْ صِنَاعَةِ الطِّبِّ بَتَاتاً. والْحُكُومَةُ الْيُونَانِيَّةُ مَنَعَتْهُمْ مِنْ دُخُولِ أَرْضِهَا ولَوْ عَلَى سَبِيلِ السِّيَاحَةِ. وإِيطَالْيَا أَخَذَتْ فِي اضْطِهَادِهِمْ بِأَسَالِيبَ عِلْمِيَّةٍ دَقِيقَةٍ وسِيَاسِيَّةٍ قَاتِلَةٍ. وفِرَنْسَا أَيْضاً قَدْ هَبَّتْ عَلَيْهَا هَبَّاتٌ مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ سَتُصِيبُ الْيَهُودَ أَوْ قَدْ أَصَابَهُمْ شَيْءٌ مِنْ لَفْحِهَا.
هَذَا حَالُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ الْمَسِيحِيَّةِ وقَدْ عَادُوا –أَوْ كَادُوا- كَمَا كَانُوا فِي الْقُرُونِ الْوُسْطَى لا يَطْمَئِنُّونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وأَمْوَالِهِمْ وثَقافَتِهِمْ إلاَّ فِي بِلاَدِ الإِسْلاَمِ، فِي قُدْسِ الإِسْلاَمِ، ولاَ نَاهِيَ لَهُمْ ولاَ نَاصِحَ مِمَّنْ يَسْمَعُونَ لِنَهْيِهِ ونُصْحِهِ. ومَا يَدْرِيهِمْ إِنْ هَذَا الْبَلاَءُ الَّذِي ابْتُدِئَ بِصَبِّهِ عَلَيْهِمْ هُوَ جَزَاءُ ظُلْمِهِمْ لِفِلَسْطِينَ: ظُلْمِ الْفِعْلِ وظُلْمِ الرِّضَا وظُلْمِ السُّكُوتِ عَنِ الاِسْتِنْكَارِ وإِنَّ اللهَ لَيَنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِ بِالظَّالِمِ ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنَ الْجَمِيعِ.
حَمَى الإِسْلاَمُ تِلْكَ الرِّحَابَ مِنْ أَيَّامِهِ الأُولَى وحَمَى جَمِيعَ مُقَدَّسَاتِ جَمِيعِ الْمِلَلِ وكَفَّ عَادِيَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وعَاشَ الْيَهُودُ تِلْكَ الْقُرُونَ الطَّوِيلَةَ يَنْعَمُونَ بِرَخَاءِ الْعَيْشِ وحُرِّيَّةِ الْمُعْتَقَدِ واحْتِرَامِ الْمَعَاهِدِ.
تَزَاوَجَ الاِسْتِعْمَارُ الاِنْجْلِيزِيُّ الْغَاشِمُ بِالصُّهْيُونِيَّةِ الشَّرِهَةِ فَأَنْتَجَا لِقِسْمٍ كَبِيرٍ مِنَ الْيَهُودِ الطَّمَعَ الأَعْمَى الَّذِي أَنْسَاهُمْ كُلَّ ذَلِكَ الْجَمِيلِ وقَذَفَ بِهِمْ عَلَى فِلَسْطِينَ الآمِنَةِ والرِّحَابِ الْمُقَدَّسَةِ فَأَحَالُوهَا جَحِيماً لاَ يُطَاقُ وجَرَحُوا قَلْبَ الإِسْلاَمِ والْعَرَبِ جُرْحاً لاَ يَنْدَمِلُ.
نَقُولُ: "لِقِسْمٍ كَبِيرٍ مِنَ الْيَهُودِ" لأَنَّ هُنَاكَ مِنَ الْيَهُودِ عَدَداً كَثِيراً يَسْتَنْكِرُ هَذَا الْمَأْتَى الْجُنُونِيَّ الظَّلُومَ ويَعْتَرِفُ بِجَمِيلِ الإِسْلاَمِ والسَّعَادَةِ الَّتِي نَعَمَ بِهَا الْيَهُودُ ويَهُودُ الْقُدْسِ فِي ظِلِّهِ الْوَارِفِ الأَمِينِ. فَقَدْ قَدَّمَ رَئِيسُ الطَّائِفَةِ السَّامِرِيَّةِ إِلَى حَاكِمِ نَابُلْسَ عَرِيضَةً اِحْتَجَّ فِيهَا بِاسْمِ الطَّائِفَةِ عَلَى الاِعْتَدَاءَاتِ الأَثِيمَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عَلَى الْعَرَبِ فِي الْقُدْسِ وحَيْفَا ويَافَا هَذَا نَصُّهَا: "نَحْنُ أَفْرَادَ الطَّائِفَةِ السَّامِرِيَّةِ رِجَالاً ونِسَاءً، نَسْتَنْكِرُ بِشِدَّةٍ أَعْمَالَ الاِعْتِدَاءَاتِ الْفَظِيعَةِ الَّتِي يَقُومُ بِهَا أَشْخَاصٌ مِنَ الْيَهُودِ ضِدَّ قَوْمٍ أَبْرِيَاءَ فِي حَيْفَا ويَافَا والْقُدْسِ ونَطْلُبُ بِشِدَّةٍ الْحَيْلُولَةَ دُونَ تَكْرَارِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ الْمُرَوِّعَةِ ونُصَرِّحُ بِأَنَّنَا –عَلَى أَقَلِّيَّتِنَا- نَعِيشُ مُنْذُ أُلُوفِ السِّنِينَ مَعَ مُوَاطِنِينَا الْعَرَبِ فِي سَلاَمٍ ولَمْ يَحْدُثْ أَنِ اعْتَدَى مِنْهُمْ أَحَدٌ عَلَيْنَا أَوْ حَاوَلَ اضْطِهَادَنَا."
هَذِهِ هِيَ الْحَالَةُ الْعَامَّةُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِلَسْطِينُ أُلُوفَ السِّنِينَ حَتَّى جَاءَ الزَّوْجَانِ الْمَشْؤُومَانِ الصُّهْيُونِيَّةُ والاِسْتِعْمَارِيَّةُ فَكَانَ الْبَلاَءُ عَلَى فِلَسْطِينَ كُلِّهَا عَرَبِهَا ويَهُودِهَا.
فَلَيْسَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ كُلِّ عَرَبِ فِلَسْطِينَ ويَهُودِهَا ولا بَيْنَ كُلِّ مُسْلِمٍ ويَهُودِيٍّ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، بَلِ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الصُّهْيُونِيَّةِ والاِسْتِعْمَارِ الاِنْكْلِيزِيِّ مِنْ جِهَةٍ والإِسْلاَمِ والْعَرَبِ مِنْ جِهَةٍ والضَّحِيَّةُ فِلَسْطِينُ والشُّهَدَاءُ حُمَاةُ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ والْمَيْدَانِ رِحَابِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى.
وكُلُّ مُسْلِمٍ مُسْؤُولٌ أَعْظَمَ الْمَسْؤُولِيَّةِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ مَا يَجْرِي هُنَالِكَ مِنْ أَرْوَاحٍ تُزْهَقُ وصِغَارٍ تُيَتَّمُ ونِسَاءٍ تُرَمَّلُ وأَمْوَالٍ تُهْلَكُ ودِيَارٍ تُخَرَّبُ وحُرُمَاتٍ تُنْتَهَكُ كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَاقِعاً بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ إِنْ لَمْ يَعْمَلْ لِرَفْعِ ذَلِكَ الظُّلْمِ الفَظِيعِ بِمَا اسْتَطَاعَ.
يُرِيدُ الاِسْتِعْمَارُ الاِنْكْلِيزِيُّ الْغَاشِمُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الصُّهْيُونِيَّةَ الشَّرِهَةَ لِقَسْمِ الْجِسْمِ الْعَرَبِيِّ وحَطِّ قُدْسِ الإِسْلاَمِ فَيَمْلأَ فِلَسْطِينَ بِالصُّهْيُونِيِّينَ الْمَنْبُوذِينَ مِنْ أُمَمِ الْعَالَمِ. ولأَجْلِ هَذِهِ الْغَايَةِ الظَّالِمَةِ تُجَنَّدُ الْجُنُودُ الاِنْكْلِيزُ وتُجَمَّعُ أَمْوَالُ الصُّهْيُونِيِّينَ وتُسْفَكُ الدِّمَاءُ الْبَرِيئَةُ وتُلَطَّخُ بِهَا الرِّحَابُ الْمُقَدَّسَةُ.
يَجْرِي كُلُّ هَذَا وتَرْتَفِعُ أَصْوَاتُ الْعَالَمِ الإِسْلاَمِيِّ والْعَالَمِ الْعَرَبِيِّ بِالاِحْتِجَاجِ والاِسْتِنْكَارِ ويُخَاطِبُ مُلُوكُ الْعَرَبِ والإسْلاَمِ حُكُومَةَ الاِنْجْلِيزِ فَلاَ تَزِيدُ آذَانُهَا إِلاَّ صَمَماً ولاَ قَلْبُهَا إِلاَّ تَحَجُّراً.
نَقُولُ: "الْعَالَمَ الإِسْلاَمِيَّ والْعَالَمَ الْعَرَبِيَّ"، لأَنَّنَا لَمْ نَرَ ولَمْ نَسْمَعْ مِنْ غَيْرِهِمَا احْتِجَاجاً واسْتِنْكَاراً صَارِخاً. حَتَّى الَّذِينَ يُقِيمُونَ الدُّنْيَا ويُقْعِدُونَهَا بِصُرَاخِهِمْ ويَبْذُلُونَ مُسَاعَدَاتِهِمْ فِي أَوْطَانٍ أُخْرَى لَمْ نَرَهُمْ إِزَاءَ فِلَسْطِينَ الشَّهِيدَةِ إِلاَّ سُكُوتاً أَوْ شِبْهَ سُكُوتٍ وشَتَّانَ مَا بَيْنَ مَنْ يُرِيدُ الْمُقَاوَمَةَ ومَنْ يُرِيدُ رَفْعَ الْمَلاَمِ!
نَحْنُ الْمُسْلِمينَ أعْدَاءُ الظُّلْمِ بِطَبِيعَتِنَا الإِسْلاَمِيَّةِ وَنَرْحَمُ الْمَظْلُومَ ولَوْ كَانَ هُوَ ظَالِماً لَنَا. مُنْذُ أَيَّامٍ كُنْتُ فِي حَانُوتِ تَاجِرٍ مُسْلِمٍ وقَدْ قَرَأَ عَلَيَّ أَخْبَاراً عَنِ اضْطهَاداتٍ أَلْمَانِيَّةٍ جَدِيدَةٍ عَلَى الْيَهُودِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقَرَاءَةِ قَالَ لِي:
-هَذَا يَا شِيخْ حْرَامْ عَنْدْنَا فِي الإِسْلاَمْ: احْنَا نْخَلِّي النَّاسْ كُلْهُمْ يْعِيشُوا بِأَمْوَالْهُمْ!"
فَقُلْتُ لَهُ:
-نَعَمْ!
وأَخَذْتُ أُبَيِّنُ لَهُ كَيْفَ عَاشَ الْيَهُودُ فِي ظِلِّ الإِسْلاَمِ. هَذَا عَامِّيٌّ مِنْ أَوَسَاطِ النَّاسِ، مُتَمَسِّكٌ بِدِينِهِ ومُتَأَلِّمٌ مِنْ حَالَةِ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ ويَعْرِفُ أَنَّ بَلاَءَهَا مِنْ مُهَاجَرَةِ يَهُودِ أَلْمَانِيَا وغَيْرِهِمْ ومَعَ ذَلِكَ يَسْتَنْكِرُ مَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الظُّلْمِ. وهَاهُمُ الْيَهُودُ الْيَوْمَ قَدْ شَرَّدَتْهُمْ أَلْمَانْيَا ومِنْ قَوَانِينِهَا الْجَدِيدَةِ عَلَيْهِمْ بَيْعُ أَمْلاَكِهِمْ بِبرْلِينَ بِالْمَزَادِ الْعَامِّ ومَنْعُهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنَ الاِمْتِلاَكِ ومَنْعُهُمْ مِنْ صِنَاعَةِ الطِّبِّ بَتَاتاً. والْحُكُومَةُ الْيُونَانِيَّةُ مَنَعَتْهُمْ مِنْ دُخُولِ أَرْضِهَا ولَوْ عَلَى سَبِيلِ السِّيَاحَةِ. وإِيطَالْيَا أَخَذَتْ فِي اضْطِهَادِهِمْ بِأَسَالِيبَ عِلْمِيَّةٍ دَقِيقَةٍ وسِيَاسِيَّةٍ قَاتِلَةٍ. وفِرَنْسَا أَيْضاً قَدْ هَبَّتْ عَلَيْهَا هَبَّاتٌ مِنْ هَذِهِ السُّمُومِ سَتُصِيبُ الْيَهُودَ أَوْ قَدْ أَصَابَهُمْ شَيْءٌ مِنْ لَفْحِهَا.
هَذَا حَالُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ الْمَسِيحِيَّةِ وقَدْ عَادُوا –أَوْ كَادُوا- كَمَا كَانُوا فِي الْقُرُونِ الْوُسْطَى لا يَطْمَئِنُّونَ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ وأَمْوَالِهِمْ وثَقافَتِهِمْ إلاَّ فِي بِلاَدِ الإِسْلاَمِ، فِي قُدْسِ الإِسْلاَمِ، ولاَ نَاهِيَ لَهُمْ ولاَ نَاصِحَ مِمَّنْ يَسْمَعُونَ لِنَهْيِهِ ونُصْحِهِ. ومَا يَدْرِيهِمْ إِنْ هَذَا الْبَلاَءُ الَّذِي ابْتُدِئَ بِصَبِّهِ عَلَيْهِمْ هُوَ جَزَاءُ ظُلْمِهِمْ لِفِلَسْطِينَ: ظُلْمِ الْفِعْلِ وظُلْمِ الرِّضَا وظُلْمِ السُّكُوتِ عَنِ الاِسْتِنْكَارِ وإِنَّ اللهَ لَيَنْتَقِمُ مِنَ الظَّالِمِ بِالظَّالِمِ ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنَ الْجَمِيعِ.
عبد الحميد بن باديس الصِّنْهاجيّ
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
عاشق الجنه- عضو فضي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
عـــدد المساهمـــات : 1234
رد: فلسطين الشّهيدة
حفظك الله أيّها الصّديق.
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
رد: فلسطين الشّهيدة
امين و اياكم ..
ادامك الله لنا معلمتي ..
اتمنى ان اقرا لك دوما ..
لك منّي تحية كلها تقدير .. و عفوا اذا حصل تقصير
ادامك الله لنا معلمتي ..
اتمنى ان اقرا لك دوما ..
لك منّي تحية كلها تقدير .. و عفوا اذا حصل تقصير
عاشق الجنه- عضو فضي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
عـــدد المساهمـــات : 1234
رد: فلسطين الشّهيدة
ماعاذ الله يا عاشق الجنّة، كما أتمنّى أن أقرأ أيضا من قلمك الجميل فلا تبخل علينا.
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
aissa.b- عضو برونزي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 19/11/2010
العـــــمـــــر : 29
عـــدد المساهمـــات : 885
الـمــــــــــــزاج : هادىء
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
فارس السنة- عضو جديد
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
العـــــمـــــر : 25
عـــدد المساهمـــات : 24
الـمــــــــــــزاج : هادئ
مواضيع مماثلة
» بطاقة الهوية لفلسطين الحبيبة
» طفل يعرب كلمة فلسطين اعرابا تدمع له العين
» فلسطين الحبيبة
» الى طفلة من فلسطين
» فلسطين فى القلب والعين
» طفل يعرب كلمة فلسطين اعرابا تدمع له العين
» فلسطين الحبيبة
» الى طفلة من فلسطين
» فلسطين فى القلب والعين
منتديات بني ورثيلان التعليمية :: المكتبــــــــةالأدبيــــــــة والثقافيــــــــة :: همسات ثقافيـــة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2016, 19:32 من طرف أبو إلياس
» الله هو الغنيُّ المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:29 من طرف أبو إلياس
» صفة من صفات أهل الإسلام
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:27 من طرف أبو إلياس
» آداب الإنترنت: فنون المعاتبة .. ومعالجة الأخطاء
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:26 من طرف أبو إلياس
» مركز اللغات بجامعة المدينة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 18:35 من طرف أبو إلياس
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 00:34 من طرف Nassima Tlemcen
» aidez-moi vite svp
الثلاثاء 12 يناير 2016, 16:30 من طرف أبو إلياس
» حوليات وزارة التربية 2012 في العلوم الطبيعية
الجمعة 04 ديسمبر 2015, 13:04 من طرف lynda2013
» لمـــــــــــــــــــاذا تبـــــــكي النّســـــــــــــــــــاء
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 18:46 من طرف أبو إلياس