اجتماع مضحك

اِجْتِمَاعٌ مُضْحِكٌ

بَيْنَمَا كُنَّا مُجْتَمِعِينَ بِمَجْلِسِ إدَارَةِ الْمَعَارِفِ إذْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَجُلٌ قِيلَ لِي: إنَّهُ أَحَدُ كُتَّابِ الْمَجْلِسِ. فَتَقَدَّمَ حَتَّى قَارَبَ مَكْتَبَةً صَغِيرَةً فَوَضَعَ عَلَيْهَا الأَوْرَاقَ وأَذِنَ لَهُ الرَّئِيسُ بِالْكَلاَمِ. فَأَخَذَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا مَا يَنْبَغِي أَنْ نَنْظُرَ فِيهِ مِنَ الأَوْرَاقِ.
وكُنْتُ أَسْمَعُ وأَتَأَمَّلُ حَالَ الأَعْضَاءِ، فَرَأَيْتُ وَاحِداً يُسِرُّ لِجَارِهِ حَدِيثاً، وآخَرَ يَكْتُبُ كِتاباً، وثَالِثاً يَأْكُلُ الْحِمِّصَ، ورَابِعاً أَثْقَلَ النُّعَاسُ هَامَتَهُ، وخَامِساً يَقْرَأُ جَرِيدَةً.
فَهَالَنِي أَنْ أَرَى مِثْلَ هَذِهِ الْمَشَاهِدِ، وخُيِّلَ لِي أَنِّي بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ نَزَلُوا بِدَارِ مُطْعِمٍ، وأَقَامُوا يَنْتَظِرُونَ.
واسْتَمَعْتُ مَا يَتْلُو الْكَاتِبُ فَإذا هُوَ اسْتِئْذَانٌ مِنَ الْمَجْلِسِ بِصَرْفِ مَائَةٍ وعِشْرِينَ قِرْشاً لإصْلاَحِ أَنَابِيبِ الْمِيَاهِ في مَدْرَسَةٍ مِنَ الْمَدَارِسِ.
فَلَمَّا انْتَهَى الْكَاتِبُ مِنَ التِّلاَوَةِ، وَشَرَحَ الرَّئِيسُ لِلأَعْضَاءِ مُجْمَلَ مَا تَلاَهُ، شَرَعُوا فِي النِّقَاشِ والْجِدَالِ: هَذَا يُؤَيِّدُ وذَاكَ يُعَارِضُ إلى أَنْ قَاطَعَهُمُ الٍرَّئِيسُ قَائلاً:
-يَظْهَرُ لِي أَنَّكُمْ تُوَافِقُونَ كُلُّكُمْ عَلَى صَرْفِ الْمَائَةِ والْعِشْرِينَ قِرْشاً.
فَوَاللهِ ما رَأَيْتُ مَشْهَداً هُوَ أَنْفَى لِصَبْرٍ وأَجْلَبَ لِضَحِكٍ مِمَّا رَأَتْهُ عَيْنَايَ.

وَلِيُ الدِّينِ يَكَن