اللغة العربية في إثيوبيا " خلفيات الانتشار وعوامل الانحسار "
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
اللغة العربية في إثيوبيا " خلفيات الانتشار وعوامل الانحسار "
اللغة العربية في إثيوبيا " خلفيات الانتشار وعوامل الانحسار "
الكاتب : د. عمر السيد عبد الفتاح ـ معهد البحوث والدراسات الإفريقية ـ جامعة القاهرة
1 . مقدمة:
إثيوبيا من الدول التي تتعدد فيها اللغات واللهجات، ويتراوح عدد اللغات الوطنية بها ما بين 70 ـ 80 لغة ([1]) . ومن بين هذه اللغات هناك أربع أو خمس لغات ذات أهمية كبيرة ، وهذه اللغات تنال أهميتها إما بسبب عدد متحدثيها كلغة أم أو بسبب أهميتها السياسية والثقافية والدينية أو بسبب حجم استخدامها كلغة ثانية.
وتأتي اللغة الأمهرية في مقدمة هذه اللغات فهي لغة الإدارة والعمل بإثيوبيا حيث تستخدم في الإدارة والمصالح الحكومية ، كما تصدر بها غالبية الصحف في إثيوبيا ، ويُبث بها معظم برامج الإذاعة والتليفزيون. وتعتبر اللغة الأمهرية لغة أم لحوالي 17.5 مليون نسمة ([1]) ، كما تعد لغة ثانية لقطاع عريض من الإثيوبيين وربما تكون اللغة الثانية لبقية الشعب الإثيوبي ، حيث تعتبر اللغة الأمهرية لغة التعاملLingua franca الأولى بين سكان إثيوبيا . ومن اللغات الهامة أيضا نجد اللغة الأورومية وهي لغة قبائل الأورومو ويزيد عدد متحدثيها عن 16 مليون متحدث([1]). كما تعد اللغتان التيجرينية والصومالية من اللغات الهامة أيضا في إثيوبيا.
أما باقي لغات إثيوبيا فإنها تشمل العديد من اللغات التي تتحدثها أعداد صغيرة غالبا ما تكون عدة آلاف ، وإن كان هناك حوالي 12 لغة محلية في إثيوبيا يتحدث بها أكثر من مائة ألف متحدث كلغة أم لكل واحدة منهن([1]) . ومن هذه اللغات اللغة العفرية والهررية والجوراجية والبيجا وغيرها .
وبالإضافة للغات المحلية الإثيوبية نجد عدة لغات أجنبية ذات أهمية ووضعية خاصة في إثيوبيا وتأتى اللغة الإنجليزية على رأس هذه اللغات من حيث الأهمية فعلى الرغم من العدد القليل الذي يتحدثها كلغة أم في إثيوبيا إلا أنها تتمتع بمكانة كبيرة حيث تعتبر اللغة الرسمية الثانية لإثيوبيا ، فهي لغة التعليم في المدارس الثانوية الحكومية وفي التعليم الجامعي، كما أن لها أهمية كبيرة في مجال التجارة والاتصالات الدولية ([1]) ، ويمكننا أن ننظر إليها من هذه الناحية كإحدى اللغات الهامة في إثيوبيا .
كذلك تتمتع اللغة الإيطالية بأهمية ما في إثيوبيا ، فقد دخلت إثيوبيا منذ ما يقرب من قرن من الزمان واستخدمت في عدة مجالات هامة ، فاستخدمت كلغة وطنية لعدد من الإيطاليين الذين استقروا في إثيوبيا واستوطنوا بها ، كما استخدمت كلغة ثانية لعدد من الإثيوبيين ، كذلك تم استخدامها كلغة تعامل في مجال العمل والصناعة([1]) ،
إلا أنها لم تترك أثراً كبيراً لقصر المدة التي استقر فيها الاحتلال الإيطالي بإثيوبيا (1935- 1941) .
أما اللغة العربية فإنها تتمتع بوضع ومكانة متميزة على الخريطة اللغوية لإثيوبيا. فقد استقرت اللغة العربية في إثيوبيا منذ وقت طويل يسبق دخول أي لغة من اللغات الأوربية إلى إثيوبيا، وتحدث بها عدد كبير من الإثيوبيين وانتشرت بينهم انتشاراً كبيراً.
وفي السطور التالية ستتناول هذه الورقة البحثية وضع اللغة العربية في إثيوبيا ، حيث ستبدأ بإلقاء الضوء على الخلفية التاريخية لانتشار اللغة العربية في إثيوبيا ( مراحل الانتشار ، عوامل الانتشار ، مظاهر الانتشار ) ، ثم تنتقل بعد ذلك لتناول الوضع الحالي للغة العربية في إثيوبيا ، ويلي ذلك الحديث عن أسباب انحسار اللغة العربية في إثيوبيا ومعوقات انتشارها وتختتم الورقة بالخاتمة .
2 . الخلفية التاريخية لانتشار اللغة العربية في إثيوبيا .
مرت اللغة العربية بمرحلتين أساسيتين من الانتشار في إثيوبيا ، المرحلة الأولى هي مرحلة التهيوء وتشمل الفترة السابقة لظهور الإسلام حتى بداية انتشاره الحقيقي في إثيوبيا . والمرحلة الثانية هي مرحلة الازدهار وهي الفترة التي بلغ الإسلام فيها أوج ازدهاره وانتشاره وشهدت الحبشة (إثيوبيا) قيام ممالك إسلامية بها وهذه المرحلة شهدت ازدهاراً حقيقياً للغة العربية في إثيوبيا.
1.2. مرحلة التهيوء .
عرفت اللغة العربية طريقها إلى الحبشة منذ فترة بعيدة ، فالجوار الجغرافي بين شبه الجزيرة العربية والحبشة أدى إلى قيام علاقات متعددة بين الجانبين ، وقد ساعد على ذلك أن الفاصل بينهما هو البحر الأحمر الهادئ الذي تضيق شواطئه وتتقارب وتكاد تلامس بعضها البعض عند مضيق باب المندب . وقد تبادل الجانبان العلاقات ، فقامت علاقات تجارية وسياسية وهجرات متبادلة مما أحدث نوعاً من التأثير والتأثر . فقد هاجرت بعض القبائل العربية إلى الحبشة وأثرت فيها أيّما تأثير ؛ حيث كان هؤلاء المهاجرون أكثر تقدماً ورقياً من أهل البلاد الأصليين فأثروا في المناطق التي نزلوا بها حتى أن اسم الحبشة ذاته مأخوذ من اسم إحدى هذه القبائل العربية المهاجرة إلى الحبشة والتي تسمى "حبشة" أو "حبشات"([1]) ، كما أن لغة الحبشة القديمة "اللغة الجعزية" اكتسبت اسمها من اسم إحدى القبائل العربية المهاجرة وهي قبيلة "الأجاعز " أي الأحرار([1]) .
كذلك قامت علاقات تجارية بين الجانبين ، فقد كانت الحبشة منذ أقدم الأزمنة سوقاً تجارية هامة فقد كانت مورداً لا ينضب لعدد من الرقيق الذي كان مطلباً من أهم مطالب الدول القوية القديمة ، كما كانت غنية بالأخشاب والتوابل وسن الفيل والجلود . وقد قام التجار العرب وخاصة اليمنيون بدور كبير في تصريف هذه التجارة ، فقد اتخذوا من ساحل إفريقيا الشرقي موطناً لهم ، وعملوا على نقل هذه المواد إلى الدولة الرومانية الشرقية عبر مكة ويثرب وإلى الدولة الفارسية عبر اليمن وحضرموت([1]). وقد تحولت هذه العلاقات إلى علاقات سياسية وحربية في كثير من الفترات ، حيث عملت الحبشة على حماية طرق تجارتها فغزت اليمن أكثر من مرة واحتلتها في الفترة ما بين سنة 300 - 378 م حين استطاع اليمنيون طرد الأحباش ، وكرر الأحباش الأمر مرة أخرى واستمرت العلاقات بين الجانبين في توتر وشد وجذب لفترة طويلة حتى قبيل ظهور الإسلام ويلاحظ أن اللغة العربية في هذه الفترة لم يتعد استخدامها في الحبشة نطاق المعاملات التجارية مع العرب ولم تتجاوز الساحل الشرقي للحبشة ولم تتوغل داخلها ، ولذا يمكننا أن نعتبر الفترة التي سبقت ظهور الإسلام عبارة عن بواكير وإرهاصات لدخول وانتشار اللغة العربية إلى الحبشة .
2.2. مرحلة الازدهار .
مع ظهور الإسلام شهدت اللغة العربية مرحلة جديدة من مراحل الانتشار في إثيوبيا ، حيث حمل الإسلام اللغة العربية معه حيثما حلَّ وأينما ارتحل وسارت اللغة العربية بجانب الإسلام تنتشر حيث ينتشر وتستقر حيث يستقر. فمع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية ، بدأت قريش تضطهد المسلمين فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة. واستقر المهاجرون المسلمون هناك فترة من الزمن ، وإذا كانت هذه الهجرة لم تترك أثراً يذكر في نشر الإسلام أو نشر اللغة العربية في الحبشة إلا أنها كانت بمثابة تعريف للأحباش بهذا الدين الجديد الوافد من جزيرة العرب .
وبعد أن انتشر الإسلام في شبه الجزيرة العربية ودانت بلاد العرب للمسلمين ، وأصبحوا يتحكمون في طرق القوافل داخل الجزيرة العربية . كما أسهموا بنشاط كبير في التجارة الشرقية بين مصر والهند عن طريق البحر الأحمر ، وعبرت مجموعة قليلة من تجار العرب الساحل الغربي للبحر الأحمر ، كما اخترق عدد من هؤلاء الحدود الحبشية وأسسوا لهم مراكز استقرار بالتدريج على الساحل الحبشي ([1]) . وبدأ العرب في الظهور كقوة فتية على الساحة العالمية ، كما أخذ الإسلام يسير بخطى واسعة واستقر في الساحل الشرقي للحبشة وتكونت للمسلمين مراكز استقرار على طول الساحل الشرقي لإفريقيا . وامتزج المسلمون العرب بالوطنيين وصاهروهم فأخذ الإسلام واللغة العربية ينتشران تدريجياً . واعتنق كثير من سكان الحبشة الإسلام مثل قبائل الساهو والعفر في شرق الحبشة والسيدامو وشوا في جنوب الحبشة كما تأثرت به أيضا القبائل الصومالية ، ودخل كثير من البيجا في الإسلام ([1]). وكان كلما انتشر الإسلام في مكان أسرع إليه الفقهاء والعلماء وأقاموا الكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم ولتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي . وقد كان لهذه الحركة التعليمية أثراً كبيراً في انتشار اللغة العربية بين هذه القبائل التي اعتنقت الإسلام حيث استخدموها كلغة دينية ووسيلة لإقامة شعائر دينهم ، فكان كل داخل في الإسلام يتعلم حفظ ما يستطيع أن يقيم به صلاته ثم يمضي إلى تعلم اللغة العربية ليزداد تفقهاً في الدين. كما استخدم الأحباش اللغة العربية كلغة تعامل مع التجار العرب المسلمين ، وكلغة تعامل مشتركة فيما بينهم لأن كل قبيلة من هذه القبائل لها لغتها الخاصة بها والتي لا تفهمها القبائل الأخرى ولذلك فقد استخدمت اللغة العربية ـ لغة القرآن الكريم ـ كلغة تعامل Lingua Franca بين هذه القبائل ، فقد جعل الإسلام من اللغة العربية لغة عالمية للتفاهم كما أضفى على هذه القبائل نوعاً من الوحدة الثقافية .
ولم يتوقف انتشار اللغة العربية على الساحل الشرقي للحبشة فقط بل امتد إلى داخل الحبشة نفسها ، حيث حملها إلى الداخل التجار العرب والدعاة والمعلمون وحملتها القبائل العربية المهاجرة والطرق الصوفية إلى أعماق الهضبة الحبشية .
وقد شهدت اللغة العربية مرحلة من الانتشار والازدهار الكبير وقد ارتبط ذلك بالتوسع الإسلامي الكبير في الحبشة. من أبرز فترات التوسع الإسلامي في الحبشة نجد الفترة ما بين القرنين 10 - 12 م حيث تعتبر هذه الفترة فترة التوسع المنظم للإسلام ديناً ودولة حيث ظهرت الممالك الإسلامية في الحبشة ، وشهدت ازدهاراً لنشر العقيدة الإسلامية وتدعيم سلطان الممالك الإسلامية داخل الوطن الإثيوبي . وهذه الممالك اشتهرت وذاع صيتها وعُرفت باسم ممالك الطراز الإسلامي واشتهرت في هذا الطراز إمارات سبع هي : أوفات ، دارداو، أرابيني ، هدية ، شرخا ، بالي ، دارة . وقد اتسم تكوين هذه الممالك بصفة عامة بالطابع السلمي التجاري ، إذ امتلك المسلمون ناصية التجارة الداخلية والخارجية وقد ارتبطت هذه الممالك بالعالم الإسلامي الخارجي عن طريق التجارة والحج وانتقال طلاب العلم للدراسة في المدينة المنورة ودمشق والقاهرة ([1]). وقد اهتمت هذه الممالك بالتعليم الإسلامي فأنشئت المدارس المختلفة لتحفيظ القرآن الكريم ولتعليم اللغة العربية بالإضافة إلى تدريس العلوم الإسلامية كالفقه والحديث والتفسير وغيرها من العلوم الإسلامية . وقد انتشرت اللغة العربية في هذه الممالك بشكل كبير حيث أن أهالي البلاد كانوا يتكلمون اللغة العربية إلى جانب لغاتهم المحلية ، فقد كان أهل أوفات يتحدثون العربية إلى جانب لغاتهم الحبشية ([1]) . كما ذكر أحد الكتاب أنه في أثناء زيارته لمدينة دارداو وجد أن اللغة العربية في هذه البلدة هي اللغة السائدة وهي اللغة الأولى التي يتكلم بها أهلها حتى النساء والأطفال الصغار وهم يتكلمون بها بفصاحة حتى يخيل إليك إذا سمعتها أنك في بلد عربي ([1]).
وشهدت اللغة العربية مرحلة أخرى من الازدهار في القرن السادس عشر وهذه المرحلة ارتبطت بالموجة الجديدة لانتشار الإسلام ، ففي هذه الفترة شهدت حركة انتشار الإسلام أكبر قوة لها مع ظهور الإمام أحمد بن إبراهيم الذي استطاع توحيد مسلمي إثيوبيا وأخذ يستولي على المدن الإثيوبية الواحدة تلو الأخرى حتى دانت له البلاد بالولاء والطاعة ودخلت أغلب أقاليم إثيوبيا في طاعته وتحت سيطرته عدا أجزاء محدودة منها ، واستمر جهاد الإمام أحمد بن إبراهيم حوالي خمسة عشر عاماً قبل أن يتدخل البرتغاليون في ساحة الصراع والأحداث التي انتهت باستشهاده . وبدأت سلطة المسلمين بعد ذلك في الضعف والتقلص بعد أن كانت وصلت إلى أوج ازدهارها وأقصى توسعها ، وكان لهذه الفترة من التوسع أثر كبير في توطيد قواعد الإسلام ونشر اللغة العربية في أنحاء إثيوبيا ، حيث امتد الإسلام ووصل إلى مناطق وأراضي لم يكن قد وطئها من قبل.
وقد شهدت اللغة العربية نهضة أخرى في القرن التاسع عشر أثناء عصر الفوضى الذي ساد الحبشة، فقد كان الإسلام في بداية القرن التاسع عشر يمر بفترة ركود فقد أثناءها حماسه ونشاطه في التقدم والانتشار. ولكنه استعاد نشاطه من جديد في تلك الفترة وتمكنت مدينة هرر في تلك الأثناء من استعادة نشاطها كمركز للإشعاع الإسلامي ، وانتشر الإسلام في منطقة عروسي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، أما مملكة الحبشة نفسها (فوق الهضبة الحبشية) فقد بلغ انتشار الإسلام فيها مبلغاً كبيراً عن طريق إسلام قبائل الجالا (الأورومو) الذين استقروا فوق الهضبة ([1]). وإذا كان التعليم الإسلامي قد انحصر منذ عهد بعيد في المدن الساحلية ومدينة هرر فقط فإنه في خلال القرن التاسع عشر كان للنهضة الإسلامية أثر كبير في انتشار الإسلام واللغة العربية في كل الأنحاء ، حيث قام المشايخ بتأسيس جميع أنواع المدارس في المدن والمراكز الإسلامية ([1]) وذلك من أجل تعليم الدين الإسلامي واللغة العربية .
3 . عوامل انتشار اللغة العربية في إثيوبيا .
هناك عدة عوامل تضافرت سوياً وأدت إلى انتشار اللغة العربية في إثيوبيا . ومن أهم هذه العوامل نجد :
1.3. العامل الديني:
يأتي العامل الديني في مقدمة عوامل انتشار اللغة العربية في إثيوبيا ، فقد أخذ الإسلام ينتشر شرقاً وغرباً فدخلت بلاد العرب في الإسلام ولحقت بها الشام والعراق وفارس وغيرها من البقاع . وسارت اللغة العربية مع الإسلام جنباً إلى جنب فحيث انتشر الإسلام واستقرت قواعده انتشرت اللغة العربية. فمع اعتناق أي فرد من الأفراد للدين الإسلامي لابد له من الإلمام ، على الأقل ، ببعض الآيات القرآنية حتى يؤدي بها صلاته وواجباته الدينية ، ولذلك فإنه لابد أن يكون على علم ولو ضئيل باللغة العربية ، أما من يريد أن يفهم دينه ويتبحر فيه فلابد له من الإلمام الجيد باللغة العربية حتى يستطيع قراءة القرآن الكريم وفهمه وقراءة شروحه وتفاسيره . وبهذه الطريقة حمل الإسلام اللغة العربية معه حيثما حلًَ وأينما ارتحل على نحو يجعل للعربية درجة من الانتشار في كل المناطق التي تضم جماعات مسلمة ، ولم تكن الحبشة بمعزل عن هذا الأمر فانتشار الإسلام بها أدى إلى انتشار اللغة العربية .
2.3. دور التجار .
لعب التجار دوراً قوياً في انتشار اللغة العربية في إثيوبيا . فإذا كان بعض التجار العرب قد استقروا قبل الإسلام على الساحل الشرقي للحبشة وعملوا في التجارة فإنه بعد الإسلام كثر عدد التجار العرب بشكل كبير وأقاموا مراكز استقرار لهم على طول الساحل ، كما نشأت الكثير من المدن الساحلية التي تحولت إلى مراكز تجارية هامة ، ولم يكن من المعقول أن يظل النفوذ العربي الإسلامي حبيساً في هذه المدن الساحلية بل كان لابد أن ينفذ إلى المناطق الداخلية ، فكان هؤلاء التجار هم الوسيلة والعدة في نشر الدعوة الإسلامية واللغة العربية . فقد كانوا يرحلون إلى المناطق الداخلية التماساً للتجارة ، وكانوا يقيمون بها بعض الوقت ثم ينحدرون للساحل من جديد ، وفي أثناء إقامتهم كانوا يخالطون الناس ويتعاملون معهم وينشرون الإسلام مما يستتبع نشر اللغة العربية .
كما كانت هذه المدن الساحلية أسواقاً ضخمة يقصدها أبناء البلاد الأصليين لبيع حاصلاتهم ، وشراء ما يحتاجونه أو بقصد الإقامة والتماس فرص العمل فكان اختلافهم إلى هذه المدن يتيح لهم الاحتكاك بالحياة الإسلامية والثقافة العربية عن كثب ، مما يدفعهم إلى اعتناق الإسلام ومن ثم ينشروه بين ذويهم إذا عادوا لبلادهم . كما أن المعاملات التجارية في مثل هذه الأسواق كانت تتم في الغالب باللغة العربية أو بالعربية المختلطة بلغات البلاد المحلية مما أتاح لهؤلاء الأفراد أن يعرفوا قدراً من اللغة العربية من خلال هذه المعاملات مما كان له أثر ما في نشر اللغة العربية بين السكان الأصليين حتى إذا ما اعتنقوا الإسلام صار واجباً عليهم الإلمام ولو بشكل قليل باللغة العربية .
كما قام العديد من التجار الأثرياء بفتح الكتاتيب والمدارس لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية ، كما كانوا يرسلون الطلاب المتفوقين إلى الحرمين أو دمشق أو القاهرة لإتمام تعليمهم ([1]) وكان لهذا الأمر أثر كبير في نشر اللغة العربية في إثيوبيا .
3.3. دور الهجرات العربية .
لعبت الهجرات العربية وتحركات القبائل دوراً هاماً في نشر اللغة العربية في إثيوبيا . فقد خرجت هجرات متعددة من القبائل العربية بعد هجرة المسلمين الأولى قصدت الحبشة واستقرت بها. ومن هذه الهجرات هجرة أقوام من ربيعة وقحطان واستقرت في مناطق البيجا([1]) ، كذلك هاجرت أقوام من قبيلة بني مخزوم القرشية التي أقامت إحدى الممالك الإسلامية بزعامتها في منطقة شوا الشرقية في نهاية القرن التاسع الميلادي تقريباً ، وقد هاجر أسلاف هذه الأسرة عبر البحر الأحمر في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ([1]) . كذلك هاجر العديد من المسلمين لأسباب اقتصادية أو سياسية من شبه الجزيرة العربية أو من مصر ووصلوا إلى الحبشة . فبعد قيام الخلافة الأموية وأثناء تثبيتها لحكمها في الحجاز هاجر العديد من العرب فراراً من الأمويين ، وتكررت نفس الهجرة وعلى نفس النمط عندما قامت الخلافة العباسية ، ففر كثير من معارضيها وانتشروا في شمال إفريقيا والأندلس ومنهم عدد لا بأس به وصل إلى الشاطئ الإفريقي ([1]) ومنهم من توغل إلى الحبشة . ولم تتوقف الهجرات العربية عند ذلك التاريخ فقط بل توالت واستمرت على مدار السنين نتيجة للجوار الجغرافي أو نتيجة للظروف السياسية أو للعوامل الطبيعية ، وإن أخذت شكلاً أقل حدة وأقل تدفقاً حيث يذكر فيرجسون أن هذه الهجرات استمرت حتى أنه يذكر أن هناك عدد من المجموعات المسلمة المتحدثة بالعربية نزحت من السودان إلى إثيوبيا في القرن التاسع عشر ([1]) .
وقد لعبت هذه الهجرات دوراً هاماً في نشر اللغة العربية بين السكان الأصليين ، نظراً لأن هذه القبائل العربية اختلطت بالسكان الأصليين واندمجت معهم وصاهرتهم ، كما أن هذه القبائل كانت على قدر من التقدم والرقي مما يجعلها من عناصر التأثير فيمن حولها من السكان الأصليين .
4.3. العامل الحضاري:
ومن العوامل التي ساهمت في نشر اللغة العربية في إثيوبيا أيضا نجد العامل الحضاري . وهذا العامل يعني أنه إذا التقت لغة ذات تراث حضاري متفوق مع لغة أخرى حظها من ذلك التراث قليل فإن الأمر ينتهي بتغلب وسيطرة اللغة الأولى([1]) . وقد حدث هذا مع اللغة العربية في إثيوبيا ؛ فإثيوبيا بها عدد كبير من اللغات المحلية ذات التراث الحضاري المتواضع وقد اصطدمت هذه اللغات باللغة العربية التي كانت في تلك الفترة لغة الحضارة الإسلامية التي ازدهرت في العصر الأموي والعباسي وبلغت شأناً كبيراً وأدى ذلك إلى سيطرة اللغة العربية ، فأصبحت هي لغة التعامل .
5.3. عامل المصلحة الشخصية :
كما أن هناك عاملاً آخر جعل العربية لها هذا الشأن في إثيوبيا وهو عامل مصلحة الأفراد الشخصية ، فالعربية هي اللغة التي يستطيع أن يصل الأفراد عن طريقها إلى الوظائف الرفيعة ، وذلك عن طريق التعامل مع العرب المسلمين الذين يتمتعون بمكانة اجتماعية رفيعة ، فقد كانوا سادة التجار والماسكين بزمام الحياة الاقتصادية في البلاد . لذا كان من صالح الأفراد الأحباش أن يتعلموها إن لم تكن لأنها لغة دينهم فلأنها وسيلة للتكسب والارتزاق ، بعد أن صارت الوظائف التي تتطلب خبرة خاصة ومستوى ثقافياً معيناً لا يشغلها سوى المسلمين المتعلمين لذا فقد التزم كل مسلم بتعليم أبنائه القراءة والكتابة بالعربية ([1]) .
وبالإضافة إلى هذه العوامل فإن الطرق الصوفية والدعاة والمعلمون قاموا بجهود صادقة في نشر الإسلام واللغة العربية عن طريق التعليم والدعوة الصادقة ، كما قاموا بإنشاء المساجد وفتح المدارس كما صاهروا أهل البلاد واندمجوا فيهم.
4 . مظاهر انتشار اللغة العربية في إثيوبيا .
اتخذ انتشار اللغة العربية في إثيوبيا عدة مظاهر منها :
1.4. اللغة العربية لغة تعامل :
تحدث كثير من الإثيوبيين اللغة العربية واحتفظوا بها إلى جانب لغاتهم الأصلية . فغالبية المدن الإسلامية اتخذت اللغة العربية لغة للدين والثقافة واستخدموها كلغة تعامل فيما بينهم ؛ فأهل أوفات على سبيل المثال كانوا يتحدثون اللغة العربية إلى جانب لغاتهم الحبشية([1]) ، كما أن اللغة العربية صارت اللغة السائدة أو اللغة الأولى في مدينة دارداو التي يتكلم بها أهلها حتى النساء والأطفال الصغار وهم يتكلمون بها بفصاحة يخيل للمرء إذا سمعها انه في بلد عربي ([1]) . وقد ذكر أحد الزائرين الأوائل للحبشة في القرن التاسع عشر أنه لاحظ أن عدداً كبيراً من الصوماليين والدناكل الذين لم يستقروا في قرى أبداً لديهم القدرة على قراءة وكتابة اللغة العربية . وقد ذكر مراقب آخر أنه في الغرب في جيما يوجد الكثير من المسلمين الذين يستطيعون قراءة القرآن الكريم باللغة لعربية ([1]) .
2.4. اقتراض اللغات المحلية الإثيوبية كثير من الألفاظ العربية .
اقترضت اللغات المحلية الإثيوبية كثيراً من الألفاظ العربية ، فقد كانت اللغة العربية لغة ذات تراث كبير ولغة حضارة راقية بينما كانت اللغات الإثيوبية أقل منها في هذا الجانب فاقترضت منها الكثير من ألفاظ الحضارة وغيرها من المفردات التي دخلت هذه اللغات ، وقد أورد كثير من العلماء قوائم بهذه المفردات المقترضة من اللغة العربية ([1]) .
ولم يقتصر تأثير اللغة العربية على مسلمي إثيوبيا فقط بل تعداهم إلى المسيحيين أيضا ، وذلك عن طريق تأثير الكنيسة المصرية التي ارتبطت بها الكنيسة الحبشية . وقد تحقق ذلك التأثير عن طريق الكتب الدينية التي تمت ترجمتها ونقلها من العربية إلى الجعزية أو الأمهرية ، وخاصة بعد أن حلت اللغة العربية محل اللغة القبطية في مصر ، فقد اتخذ الأقباط في مصر من اللغة العربية لغة للكنيسة ونقلوا إليها الكتب الدينية كما ألفوا باللغة العربية . وبعد ذلك أخذ الأحباش ينقلون هذه الكتب من العربية إلى الجعزية ثم إلى الأمهرية فنقلوا قصصاً تروي أعمال الرسل ، وقصة آدم وحواء وكتباً عن معجزات السيد المسيح وعجائب مريم العذراء ، وحياة القديسين والشهداء وعجائبهم . كما تُرجمت كتب خاصة بخدمة القداس وطقوس العماد والدفن والصلوات والعظات وغير ذلك ، كما نقل الأحباش كتباً في اللاهوت كانت قد دونت بالعربية ، كما تُرجم عن العربية إلى الجعزية أيضا العديد من الكتب في القرن السابع عشر للدفاع عن المذهب اليعقوبي([1]). واستمرت حركة الترجمة والنقل هذه فترة طويلة .
ونظراً لأن الأحباش المسيحيين ظلوا قرونا عديدة ينقلون آدابهم عن اللغة العربية كان طبيعياً أن تؤثر اللغة العربية في لغة المترجمين إلى حد بعيد . فقد ظهر في الكتب المترجمة إلى الحبشية أثر عربي واضح في كثير من العبارات والصيغ والألفاظ ، كما تظهر في هذه النصوص الحبشية عبارات أخذها المترجمون الأحباش بنصها كما هي في اللغة العربية . ومن هذه الألفاظ: الحبس، الحكيم، المنار، القارورة، الوباء، الخف، الورد، الجنين، ضابط الكل، الدر وغيرها من الألفاظ العربية([1]) . وبدون شك فإن هذا يوضح مدى تأثر الأحباش المسيحيين بالثقافة القبطية المدونة بالعربية.
3.4. كتابة اللغات الإثيوبية بالحرف العربي :
تمت كتابة كثير من اللغات المحلية الإثيوبية بالحرف العربي. فقد تم كتابة اللغة الهررية ، وهي لغة يُتحدث بها في مدينة هرر في شرق إثيوبيا واسمها المحلي أدار Adare ، بالحرف العربي . ومن ناحية أخرى فإن هذه اللغة على الرغم من أنها محاطة من جميع الجهات بلغة الجالا (الأورومو) والصومالي وهذه اللغات تركت أثرها في اللغة الهررية ولكن التأثير الكبير في مجال المفردات أحدثته اللغة العربية ويرجع ذلك إلى التأثير الإسلامي الطويل بها حيث تعتبر مدينة هرر أول مدينة إسلامية في إثيوبيا([1]) . كذلك كتب الصوماليون في الحبشة لغتهم بالحرف العربي ، كما أن متحدثي لغات العفر والبيجا من الجماعات البدوية المسلمة يفضلون استخدام العربية كلغة مكتوبة لهم([1]) . كما استخدم الحرف العربي في كتابة اللغة الأورومية (لغة الجالا) حيث استعمل الحرف العربي منذ زمن بعيد في كتابة النصوص الدينية والأذكار والمدائح ([1]).
4.4. كتابة مؤلفات العلماء الأحباش باللغة العربية .
ظهر العديد من العلماء والفقهاء من بين المسلمين الأحباش الذين نبغوا في العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية وبلغوا فيها شأناً كبيراً ، حتى أنهم وضعوا العديد من المؤلفات بلغاتهم المحلية وباللغة العربية أيضا . ومن هؤلاء العلماء الشيخ سيد فقيه زبير من ياجو (ت 1242هـ) الذي وضع أربعين مقالة تعليقية عن الأجرومية ، وجمال الدين محمد من أنّا Anna (ت 1882ه( والذي وضع كتاباً كاملاً في الفقه بعنوان " كفاية الطالبين في معرفة مهمات الدين" ، والشيخ إبراهيم عبد الرازق الذي ألف تعليقات على ألفية بن مالك ، والشيخ جوهر بن حيدر من شونقي والذي وضع كتاباً في الفقه بعنوان " عناية الطالبين "، كما كتب الشيخ محمد أمان من داري تعليقاً على الأجرومية بعنوان " المقاصد الوافية في شرح الأجرومية "([1]). ومن العلماء المشهورين أيضا الشيخ حسن بن حبيب الحنفي الجبرتي من والو وله مؤلفات ومصنفات كثيرة منها تفسير القرآن الكريم " شرح وقاية الرواية "، " شرح كنز الدقائق " ، " شرح مختصر القدوري " ، " شرح تحفة الملوك الذي سماه بمنهج السلوك" وله تصنيفات وشروح أخرى كثيرة ([1]).
5 . الوضع الحالي للغة العربية في إثيوبيا .
تعرفنا في الصفحات السابقة على مراحل انتشار اللغة العربية في إثيوبيا، وعوامل هذا الانتشار ومظاهره ورأينا إلى أي مدى وصلت اللغة العربية من مكانة وانتشار في إثيوبيا. إلا أن اللغة العربية في إثيوبيا تعرضت إلى هزات متعددة ومعوقات كبيرة أدت إلى تراجع هذه المكانة وانحسار ذلك الانتشار ، ورغم ذلك فما تزال اللغة العربية تحتفظ بمكانة ووضع متميز في إثيوبيا . ولازال لها نوعاً من التواجد على الساحة الإثيوبية وذلك على النحو التالي:
1.5. اللغة العربية لغة دين :
لا تزال اللغة العربية هي اللغة الدينية لمسلمي إثيوبيا ، فعدد المسلمين الكبير لا يزال من أهم عوالم استقرار وثبات اللغة العربية هناك . وتعد اللغة العربية لغة مقدسة بالنسبة لمسلمي إثيوبيا فهي لغة القرآن الكريم وهي اللغة المستخدمة في إقامة الشعائر الدينية ، لذا فإن معرفة اللغة العربية لا تزال ملازمة لحفظ القرآن الكريم وفهمه وضرورة لفهم واستيعاب تعاليم الإسلام من مصادره الأساسية . ويشير فيرجسون إلى هذا الدور الذي تلعبه اللغة العربية في إثيوبيا فيذكر أن أي مسلم بصرف النظر عن لغته الأم لابد له من الإلمام ببعض العبارات العربية مثل الشهادتين " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله " أو عبارة التحية "السلام عليكم " أو البسملة أو غيرها ، كما يجب عليه حفظ الفاتحة وبعض الآيات القرآنية باللغة العربية حتى يستطيع أن يؤدى صلاته . ومن أراد أن يزداد تفقهاً في شئون دينه فعليه أن يزداد علماً باللغة العربية ليطلع على المؤلفات الدينية المختلفة من كتب الفقه والشروح والتفاسير وكتب الحديث …الخ . ولذا نجد أن الأفراد يختلفون في مدى إلمامهم وإتقانهم للغة العربية فمنهم من يفهمها ويتحدثها بشكل تام ويستطيع استخدامها في الحياة اليومية ، ومنهم من يستطيع تلاوة القرآن الكريم والحديث في الأمور الدينية ويمكنه فهم الخطب باللغة العربية لكنه لا يستطيع استخدامها في حياته اليومية . ومنهم من تقتصر معرفته بها على إقامة الشعائر الدينية فقط ويتوقف كل ذلك على مقدار ما تعلمه من اللغة العربية في المساجد أو في المدارس الإسلامية التي يتم فيها تعليم اللغة العربية ([1])2.5. اللغة العربية لغة تعامل :
تعد اللغة العربية إحدى أهم لغات التعامل في إثيوبيا ، حيث تعتبر اللغة العربية واللغة الأمهرية من لغات التعامل والاتصال واسعة الانتشار في إثيوبيا ([1]) ، وتظهر هذه الأهمية بشكل خاص بين مسلمي إثيوبيا الذين يتحدثون لغات مختلفة حيث تعد العربية وسيلة التفاهم المشتركة بينهم جميعاً . وللعربية وجود واضح في المدن الإسلامية مثل هرر وجيما وعروسي وغيرها من المدن الإسلامية بإثيوبيا . ويجب هنا أن نشير أنه من النادر أن تجد من الإثيوبيين غير المسلمين من يتحدث اللغة العربية كلغة تعامل فهي مرتبطة إلى حد كبير بالأقاليم والجماعات المسلمة في إثيوبيا. واللغة العربية المستخدمة في الحديث في إثيوبيا تميل إلى اللهجة اليمنية أو السودانية ولكنها تتأثر أحيانا باللهجات المحلية ، كما أن هناك عدداً من المسلمين الذين تأثروا باللغة العربية الفصحى نتيجة لدراستهم لها في المدارس أو المساجد أو عن طريق الإذاعة أو القراءة فاستخدموها في معاملاتهم ([1]) .
ولا تزال اللغة العربية مفهومة في الأسواق الإثيوبية بشكل كبير حيث أدت سيطرة العرب القديمة على التجارة الإثيوبية إلى انتقال كثير من المفردات العربية في هذا المجال والتي لا تزال موجودة حتى الآن . إلا أن وضع اللغة العربية كلغة تعامل آخذ في التراجع أمام سيادة اللغة الأمهرية من ناحية وأمام التقدم والانتشار الكبير للغة الإنجليزية من ناحية أخرى .
3.5. اللغة العربية في وسائل الإعلام الإثيوبية :
تتمتع اللغة العربية بوجود ملحوظ على الساحة الإعلامية الإثيوبية . فالإذاعة الإثيوبية تُخصص يومياً ساعة من إرسالها تقدم باللغة العربية ، وتتناول هذه الفترة الأخبار المحلية والعالمية كما تتضمن بعض البرامج والأغاني العربية كما تصدر عدة صحف إثيوبية باللغة العربية ومن هذه الصحف صحيفة "العلم"، ويزيد عمر هذه الصحيفة عن نصف قرن ، وتصدر في أديس أبابا ولم تتوقف عن الصدور منذ نشأتها في عام 1942 وحتى الآن ، و"العلم" صحيفة حكومية تصدر عن وزارة الإعلام الإثيوبية والهدف من إصدارها إعلام الشعوب العربية والمجتمع الدولي بالنشاطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لإثيوبيا ، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين إثيوبيا وبلدان العالم العربي المجاورة ([1]) . وهناك أيضا بعض الصحف والمجلات العربية والإسلامية التي تصدر في إثيوبيا مثل مجلة "بلال" وهي مجلة إسلامية شهرية تعكس وجهة النظر الإسلامية والمجتمع المسلم في إثيوبيا ، وكذلك تصدر مجلة "الرسالة" وهي مجلة إسلامية تصدرها جمعية إسلامية باللغة العربية واللغة الأمهرية . وكان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية قد أصدر صحيفة نصف شهرية باللغة العربية والأمهرية إلا أنها توقفت عن الصدور لأسباب مالية ([1]) . وبدون شك فإن صدور مثل هذه الصحف يدل دلالة واضحة على أن اللغة العربية في إثيوبيا لها أرضية وخلفية ثابتة بحكم ذلك العدد الهائل من المسلمين وبحكم الجوار العربي .
4.5. اللغة العربية في التعليم الإثيوبي :
نظراً لأهمية الحديث عن وضع اللغة العربية في نظام التعليم الإثيوبي فإننا سوف نتناوله بشيء من التفصيل.
لو أردنا أن نرصد تعليم اللغة العربية في إثيوبيا فإننا يجب أن نشير في البداية إلى أن إثيوبيا بها نوعين من التعليم:
1 - تعليم حكومي.
2 - تعليم غير حكومي (محلي ـ خاص)
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يتم تدريس اللغة العربية في أي مرحلة من مراحل التعليم الحكومي. أما في التعليم غير الحكومي فنجد أن اللغة العربية يتم تعليمها وتدريسها بشكل كبير، حيث يتم تدريس اللغة العربية في المدارس القرآنية التقليدية وكذلك في بعض المدارس الإسلامية الخاصة محدودة الانتشار. ويلاحظ أن الهدف من تعليم اللغة العربية في إثيوبيا يختلف من منطقة إلى أخرى ، ففي المناطق الريفية أو المناطق البدوية نجد أن الهدف ديني وثقافي في المقام الأول حيث يتم التعليم من أجل تمكين الأطفال من قراءة وتلاوة القرآن الكريم والنصوص الدينية الأخرى المكتوبة بالعربية . أما في المناطق الأكثر تمدناً فإن اللغة العربية تستخدم كلغة تعامل وكوسيلة اتصال على الأقل في المعاملات التجارية وفي تدوين الحسابات أو كتابة العقود وما شابه ذلك([1]) . لذلك نجد أن مستوى إلمام الإثيوبيين المسلمين باللغة العربية يختلف من منطقة إلى أخرى .
ويتم تدريس اللغة العربية في مدارس تسمى "المدارس القرآنية" وهي مدارس أهلية لا تخضع لإشراف الحكومة ولا تحظى باعترافها وهي مدارس بدائية إلى حد كبير، وتنقسم الدراسة في هذه المدارس إلى مرحلتين هما:
أولاً : مرحلة التهجي Tehaji :
تشبه هذه المرحلة إلى حد بعيد نظام التعليم الديني الذي كان قائماً في كثير من البلاد العربية والإسلامية والذي يعرف في مصر، على سبيل المثال، باسم "الكُتَّاب" والذي لا تزال أثاره باقية حتى الآن في بعض القرى المصرية. وكلمة "تهجي" كما هو واضح كلمة ذات أصل عربي([1]) . وهذه المرحلة لها هدفان أساسيان هما:
1 - تعليم الحروف العربية. 2 - قراءة القرآن الكريم.
ولتحقيق هذين الهدفين لابد أن يمر الطالب بعدة خطوات. ففي البداية يجب عليه أن يتعلم الحروف العربية. ويبدأ الطلاب في حفظ هذه الحروف فتكتب على ألواح خشبية ويقوم المعلم أو أحد التلاميذ القدامى بقراءتها ويظل الطفل يرددها حتى يحفظها عن ظهر قلب . والخطوة التالية يتعلم فيها الأطفال النقاط التي توضع فوق الحروف أو أسفلها أو داخلها ثم يتعلم الطفل النطق الصحيح للحروف حيث يتعلم علامات الشكل الأربعة (الفتحة ـ الكسرة ـ الضمة ـ السكون) . ثم يتعرف الطالب على أصوات المد ( ا ، و ، ى ) وتعد هذه الخطوة خطوة هامة جداً بالنسبة للأطفال حيث أن اللغة العربية تعتبر لغة أجنبية بالنسبة لهم وهم لن يستطيعوا أن يقرءوا أو يكتبوا دون معرفة هذه الحركات كما يفعل أبناء العربية ، بالإضافة إلى أن الهدف الرئيسي من تعلم اللغة العربية في هذه المرحلة هو قراءة القرآن الكريم المكتوب مصحوباً بالحركات . وبعد ذلك يتعلم الطلاب كيفية الربط بين الحروف وكيفية قراءتها وكتابتها مجمعة([1]). وبعد ذلك يبدأ الطلاب في التدرب على قراءة الآيات القرآنية ويتم ذلك بطريقة التهجي ، وربما اكتسبت هذه المرحلة تسميتها من هذه العملية ، فنجد أن الطالب يبدأ بنطق الحروف والحركات واحدة تلو الأخرى ثم يقرأها بعد ذلك سوياً . فيبدأ بتحديد الحرف الأول من الكلمة ثم يحدد الحركة وبعد ذلك يتم نطق الصوت الناتج عن اتحادهما معاً . ويتكرر هذا بالنسبة للحرف الثاني والثالث حتى تنتهي حروف الكلمة وعندئذ ينطق الكلمة ذاتها كلها دفعة واحدة.
وبعد فترة من التدريب يبدأ الطفل في حفظ سور وأجزاء القرآن الكريم حتى يتم حفظه. وبعض الطلاب يتمكنون من حفظ القرآن الكريم كاملاً بينما تكتفي غالبية الطلاب بحفظ عدة أجزاء منه فقط ومن ثمَّ يتوقفون عن الذهاب إلى المدرسة وبذلك يصل تعليم لطفل إلى نهايته في هذه المرحلة ([1]).
ثانياً : المدارس العالية "علم" Ilm :
بعد أن ينهي الطلاب مرحلة التهجي فإن الكثيرين منهم وخاصة الذين يسكنون المناطق الريفية والبدوية يتوقفون عن مواصلة الدراسة ويكتفون بما حصلوه من معرفة، أما الطلاب الذين يريدون مواصلة دراستهم فإنهم يلتحقون بالمدارس الإسلامية العالية التي تسمى " علم " . وفي هذه المرحلة يتم تقديم دراسة مكثفة للفقه الإسلامي كما يتم أيضا تدريس علم التوحيد والتفسير والحديث وكذلك تتم دراسة علم المنطق.
وحتى يتمكن الطلاب من دراسة وتحصيل هذه العلوم فلابد لهم من دراسة النحو العربي وقواعد العربية ، ويعد النحو من أهم العلوم اللغوية التي يتم تدريسها في هذه المرحلة ومن الكتب التي تدرس في هذا الفرع " الأجرومية" و"مطالعة العرب" و"ألفية بن مالك" و"المجيب" و"المغني اللبيب" ، كذلك هناك علوم لغوية أخرى يتم تدريسها مثل الصرف والعروض والبيان والبديع والبلاغة ([1]) .
وإذا كان معظم الطلاب في المناطق الريفية والبدوية يكتفون بالمرحلة الأولى ، فإنه في المناطق المتمدنة حيث يعمل أغلب المسلمين بالتجارة فإن القليل منهم يكرسون أوقاتهم لدراسة رسمية كهذه فمعظمهم يتعلمون شيئاً من التفسير أو الفقه وغيره من العلوم الدينية الإسلامية أثناء أوقات فراغهم في المساء حيث يذهبون إلى المسجد ويستمعون إلى الدروس التي تلقى هناك ([1]) .
ونظراً لأن المدارس القرآنية التي أشرنا إليها سابقاً والتي تقوم بتعليم اللغة العربية والقرآن الكريم لا تفي بمتطلبات العصر الحديث حيث أنها لا تدرس المواد الحديثة المختلفة (تاريخ ـ جغرافيا ـ كيمياء ـ لغة إنجليزية …الخ) ، كما أنها لا تعلم الأطفال قراءة وكتابة اللغة الأمهرية لغة الدولة الرسمية لذلك أخذت هذه المدارس في فقد الكثير من أهميتها ولم يعد لها مكان في نظام التعليم الحديث . لذا أصبح من الواجب إيجاد موائمة بين المدارس القرآنية والمدارس الحديثة في المناطق ذات الكثافة المسلمة ، ومن اجل هذا ظهرت المدارس الخاصة التي تعرف باسم "مدرسة" Madrasa وهذه المدارس عادة ما تقوم بتعليم اللغة العربية وقراءة القرآن الكريم بالإضافة إلى أنها تتبع منهج ومقررات وزارة التعليم . وهذا النوع من المدارس ينتشر إلى حد ما سواء في القرى الصغيرة أو في المدن الكبرى حيث توجد ست مدارس منها في مدينة هرر وعشرين مدرسة في ديرداو وعشرة مدارس في أديس أبابا وأعداد صغيرة أخرى في غيرها من المدن ([1]) . لكن يؤخذ على هذه المدارس ازدحام المناهج لأن الطلاب في هذه المدارس يجب أن يتعلموا اللغة العربية والقرآن الكريم بالإضافة إلى تعلم اللغة الأمهرية واللغة الإنجليزية إلى جانب المواد الأخرى التي تدرس في المدارس الابتدائية العادية ، كذلك يؤخذ على هذه المدارس أنها عادة لا تقدم برنامجاً تعليمياً كاملاً ونتيجة لذلك فإن العادة السائدة هي أن يترك التلاميذ هذه المدارس في الصف الثالث أو الرابع ويلتحقون بمدارس أخرى من أجل تعليم أفضل وفرص أكبر لاجتياز هذه المرحلة للوصول إلى المرحلة الثانوية .
وبالإضافة إلى هذين النوعين من المدارس التي تقوم بتعليم اللغة العربية (المدارس القرآنية ، المدارس الإسلامية الخاصة) نجد نوعاً ثالثاً من المدارس وهو المدارس الخاصة بالجاليات العربية والإسلامية في إثيوبيا ، وهذه المدارس تابعة لبعض الدول أو الأفراد من العرب والمسلمين وتقوم بتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي بالإضافة إلى المواد الأخرى . وهذه المدارس ذات مستوى تعليمي أفضل وتتمتع بإمكانيات تعليمية أكثر تقدماً لذلك تجد هذه المدارس قبولاً كبيراً من مسلمي إثيوبيا .
6 . أسباب انحسار وتراجع اللغة العربية في إثيوبيا .
عندما نطالع الوضع الذي وصلت إليه اللغة العربية في إثيوبيا ونرى مدى التراجع والانحسار الذي ألم بها يتبادر إلى أذهاننا تساؤل عن الأسباب التي أدت إلى ذلك الوضع . وللإجابة على هذا التساؤل نجد عدة أسباب تضافرت سوياً وأدت إلى ذلك التراجع ، ويأتي على رأس هذه الأسباب تأثير اللغات الأوربية والاستعمار . فبداية من القرن الخامس عشر وحتى القرن العشرين حاول الاستعمار الأوربي الذي بسط سيطرته ونفوذه على غالبية دول القارة ، الحيلولة دون تغلغل وانتشار الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا وبدأ الصراع بين الثقافتين العربية والأوربية ، وكان محل التنازع اللغة وسيلة نقل الثقافة ([1]) .
وقد عمل الاستعمار الأوربي على الامتداد اللغوي والثقافي والفكري في دول القارة. فانتشرت اللغات الأوربية في دول القارة بشكل كبير ، وحظيت اللغة الفرنسية بانتشار كبير في إفريقيا حيث توجد أربعة وعشرين دولة إفريقية تنتشر بها الفرنسية حيث تعد اللغة الفرنسية اللغة الرسمية بجانب لغة أو لغتين في الدول التي كانت مستعمرات فرنسية ، كما انتشرت اللغة الإنجليزية أيضا حيث توجد إحدى وعشرين دولة إفريقية تعتبر اللغة الإنجليزية فيها أكثر اللغات انتشاراً وبعض الدول اتخذتها كلغة رسمية لها ، كذلك انتشرت اللغة الأسبانية واللغة البرتغالية في المستعمرات التي كانت تابعة لهما ([1]) .
وإذا كان الاحتلال الإيطالي لإثيوبيا لم يؤد إلى نشر اللغة الإيطالية بها على نطاق واسع ، نظراً لقصر الفترة التي قضاها فيها ولم تتح له الفرصة لهذا التأثير الكبير ، إلا أن الإيطاليين قد تركوا أثراً لغوياً غير هين حيث انتشرت اللغة الإيطالية بين عدد من سكان إثيوبيا واستعملت الإيطالية كلغة تعامل وخاصة في مجال العمل والصناعة([1]). ولم تكن إيطاليا وحدها هي التي لعبت دوراً في نشر اللغات الأوربية في إثيوبيا فقد سبقها في هذا المجال البرتغاليون ، كما أن ظروف إثيوبيا السياسية أدت إلى تدخل قوى أجنبية أخرى وخاصة الإنجليز والفرنسيين ، وكل قوة من هذه القوى عملت على نشر اللغات الأوربية ، كل حسب توجهه ، وكان كل ذلك على حساب اللغة العربية .
وقد لجأت القوى الاستعمارية إلى وسائل مختلفة لتحقيق أهدافها ومن أهم هذه الوسائل :
1 - إطلاق يد البعثات التنصيرية وتخصيص الإمكانيات الكبيرة لها ، وترجمة الإنجيل إلى كل اللغات الإفريقية المحلية ، فتمت ترجمة الإنجيل إلى لغات إثيوبيا المحلية المختلفة ، فتُرجم إلى الأمهرية والأورومية والتيجرينية وغيرها من اللغات المحلية الأخرى .
2 - محاولة تشويه صورة العلاقات العربية الإثيوبية من ناحية والعلاقات المسيحية الإسلامية في إثيوبيا من ناحية أخرى ، وذلك عن طريق إظهار العرب على أنهم تجار رقيق ومستعمرون ، والعمل على إحياء نزعة التعصب الديني بين مسلمي ومسيحيي إثيوبيا بالإضافة إلى إهمال المسلمين وحرمانهم من فرص التعليم وفرص العمل المناسبة مما أدى إلى تأخرهم وتخلفهم .
3 - تعطيل كتابة اللغات الإثيوبية التي كانت تكتب بالحرف العربي ، واستبدال ذلك بالحرف اللاتيني ، فتم التوسع في كتابة اللغات الإثيوبية التي كانت تكتب بالحرف العربي واستبدالها بالحرف اللاتيني كما حدث مع اللغة الصومالية في إثيوبيا ولغة الأورومو ، وكتابة هذه اللغات بالحرف اللاتيني يعني ربط هؤلاء الأقوام بالثقافة الغربية من ناحية وفصل الإثيوبيين عن تراثهم المدون بالحرف العربي وعزلهم عن ماضيهم من ناحية أخرى .
4 - فرض اللغات الأوربية كلغات تعليم في المدارس الحكومية ، وكان الهدف من ذلك القضاء على اللغة العربية نهائياً وإبدالها باللغات الأوربية ، وبالفعل تم ذلك في إثيوبيا حينما تم إقرار اللغة الإنجليزية كلغة للتعليم الحكومي في المرحلة الثانوية والتعليم العالي([1]) .
كذلك ساعدت السياسة اللغوية في إثيوبيا على سحب البساط من تحت أقدام اللغة العربية مما أدى إلى انحسارها ، ذلك أنه تم منع استخدام اللغة العربية في المدارس الحكومية ، كما صدرت مراسيم يحرم فيها استعمال اللغة العربية في المحاكم الشرعية الخاصة بالمسلمين ([1]) . وكذلك تم فرض اللغة الأمهرية كلغة للتعليم في المرحلة الأولى وفرض اللغة الإنجليزية كلغة للتعليم الحكومي في المرحلة الثانوية والتعليم الجامعي ، مما أدى إلى تقلص المساحة التي كانت تحتلها اللغة العربية في كل أنحاء إثيوبيا وذلك بعد أن كانت لغة العلم والثقافة .
والحقيقة أننا لا يجب أن نلقي بالمسؤولية الكاملة لانحسار اللغة العربية في إثيوبيا على كاهل الاستعمار الأوربي والسياسة اللغوية التي أُتبعت في إثيوبيا ، وإن كانا قد لعبا دوراً كبيراً في هذا الجانب ، ولكن هناك عامل آخر له أهمية كبيرة وهو الوضع الحضاري والثقافي للعرب . ففي الوقت الذي كانت فيه أوربا تتقدم وتُرسخ أقدامها في إفريقيا كلها كان العرب في حالة من التأخر والتخلف الحضاري . وقد أثر ذلك بشكل كبير على الدور الثقافي للعرب في هذه المنطقة كما أدى إلى فقدان الكثير من الأرض التي كانت اللغة العربية قد كسبتها في الماضي . وخلاصة الأمر أن انتشار اللغات وتقدمها أمر مرهون بتقدم أصحابها وتفوقهم .
7 . الخاتمة:
بداية يجب أن نلاحظ أن إثيوبيا بها أرضية خصبة لنشر اللغة العربية، وذلك لكثرة عدد المسلمين بها وغالبية هؤلاء المسلمين شغوفون وفي حاجة لمعرفة شئون دينهم، الأمر الذي لن يتحقق إلا بمعرفة ولو جزئية باللغة العربية. لذلك فإن عامل الإقبال على تعلم اللغة العربية موجود بالفعل ولا يحتاج سوى تفعيل واستثارة فقط . ولكننا نلاحظ أيضا أن هناك أمراً قد يعوق ذلك الإقبال وهو
ارتباط مصلحة الأفراد بتعلم اللغات الأوربية حيث أنها تتيح فرص أكبر للوصول إلى الوظائف الرفيعة في المجتمع في حين ارتبطت اللغة العربية بالماضي ويُنظر إليها كلغة دينية يقتصر دورها على إقامة ا
الكاتب : د. عمر السيد عبد الفتاح ـ معهد البحوث والدراسات الإفريقية ـ جامعة القاهرة
1 . مقدمة:
إثيوبيا من الدول التي تتعدد فيها اللغات واللهجات، ويتراوح عدد اللغات الوطنية بها ما بين 70 ـ 80 لغة ([1]) . ومن بين هذه اللغات هناك أربع أو خمس لغات ذات أهمية كبيرة ، وهذه اللغات تنال أهميتها إما بسبب عدد متحدثيها كلغة أم أو بسبب أهميتها السياسية والثقافية والدينية أو بسبب حجم استخدامها كلغة ثانية.
وتأتي اللغة الأمهرية في مقدمة هذه اللغات فهي لغة الإدارة والعمل بإثيوبيا حيث تستخدم في الإدارة والمصالح الحكومية ، كما تصدر بها غالبية الصحف في إثيوبيا ، ويُبث بها معظم برامج الإذاعة والتليفزيون. وتعتبر اللغة الأمهرية لغة أم لحوالي 17.5 مليون نسمة ([1]) ، كما تعد لغة ثانية لقطاع عريض من الإثيوبيين وربما تكون اللغة الثانية لبقية الشعب الإثيوبي ، حيث تعتبر اللغة الأمهرية لغة التعاملLingua franca الأولى بين سكان إثيوبيا . ومن اللغات الهامة أيضا نجد اللغة الأورومية وهي لغة قبائل الأورومو ويزيد عدد متحدثيها عن 16 مليون متحدث([1]). كما تعد اللغتان التيجرينية والصومالية من اللغات الهامة أيضا في إثيوبيا.
أما باقي لغات إثيوبيا فإنها تشمل العديد من اللغات التي تتحدثها أعداد صغيرة غالبا ما تكون عدة آلاف ، وإن كان هناك حوالي 12 لغة محلية في إثيوبيا يتحدث بها أكثر من مائة ألف متحدث كلغة أم لكل واحدة منهن([1]) . ومن هذه اللغات اللغة العفرية والهررية والجوراجية والبيجا وغيرها .
وبالإضافة للغات المحلية الإثيوبية نجد عدة لغات أجنبية ذات أهمية ووضعية خاصة في إثيوبيا وتأتى اللغة الإنجليزية على رأس هذه اللغات من حيث الأهمية فعلى الرغم من العدد القليل الذي يتحدثها كلغة أم في إثيوبيا إلا أنها تتمتع بمكانة كبيرة حيث تعتبر اللغة الرسمية الثانية لإثيوبيا ، فهي لغة التعليم في المدارس الثانوية الحكومية وفي التعليم الجامعي، كما أن لها أهمية كبيرة في مجال التجارة والاتصالات الدولية ([1]) ، ويمكننا أن ننظر إليها من هذه الناحية كإحدى اللغات الهامة في إثيوبيا .
كذلك تتمتع اللغة الإيطالية بأهمية ما في إثيوبيا ، فقد دخلت إثيوبيا منذ ما يقرب من قرن من الزمان واستخدمت في عدة مجالات هامة ، فاستخدمت كلغة وطنية لعدد من الإيطاليين الذين استقروا في إثيوبيا واستوطنوا بها ، كما استخدمت كلغة ثانية لعدد من الإثيوبيين ، كذلك تم استخدامها كلغة تعامل في مجال العمل والصناعة([1]) ،
إلا أنها لم تترك أثراً كبيراً لقصر المدة التي استقر فيها الاحتلال الإيطالي بإثيوبيا (1935- 1941) .
أما اللغة العربية فإنها تتمتع بوضع ومكانة متميزة على الخريطة اللغوية لإثيوبيا. فقد استقرت اللغة العربية في إثيوبيا منذ وقت طويل يسبق دخول أي لغة من اللغات الأوربية إلى إثيوبيا، وتحدث بها عدد كبير من الإثيوبيين وانتشرت بينهم انتشاراً كبيراً.
وفي السطور التالية ستتناول هذه الورقة البحثية وضع اللغة العربية في إثيوبيا ، حيث ستبدأ بإلقاء الضوء على الخلفية التاريخية لانتشار اللغة العربية في إثيوبيا ( مراحل الانتشار ، عوامل الانتشار ، مظاهر الانتشار ) ، ثم تنتقل بعد ذلك لتناول الوضع الحالي للغة العربية في إثيوبيا ، ويلي ذلك الحديث عن أسباب انحسار اللغة العربية في إثيوبيا ومعوقات انتشارها وتختتم الورقة بالخاتمة .
2 . الخلفية التاريخية لانتشار اللغة العربية في إثيوبيا .
مرت اللغة العربية بمرحلتين أساسيتين من الانتشار في إثيوبيا ، المرحلة الأولى هي مرحلة التهيوء وتشمل الفترة السابقة لظهور الإسلام حتى بداية انتشاره الحقيقي في إثيوبيا . والمرحلة الثانية هي مرحلة الازدهار وهي الفترة التي بلغ الإسلام فيها أوج ازدهاره وانتشاره وشهدت الحبشة (إثيوبيا) قيام ممالك إسلامية بها وهذه المرحلة شهدت ازدهاراً حقيقياً للغة العربية في إثيوبيا.
1.2. مرحلة التهيوء .
عرفت اللغة العربية طريقها إلى الحبشة منذ فترة بعيدة ، فالجوار الجغرافي بين شبه الجزيرة العربية والحبشة أدى إلى قيام علاقات متعددة بين الجانبين ، وقد ساعد على ذلك أن الفاصل بينهما هو البحر الأحمر الهادئ الذي تضيق شواطئه وتتقارب وتكاد تلامس بعضها البعض عند مضيق باب المندب . وقد تبادل الجانبان العلاقات ، فقامت علاقات تجارية وسياسية وهجرات متبادلة مما أحدث نوعاً من التأثير والتأثر . فقد هاجرت بعض القبائل العربية إلى الحبشة وأثرت فيها أيّما تأثير ؛ حيث كان هؤلاء المهاجرون أكثر تقدماً ورقياً من أهل البلاد الأصليين فأثروا في المناطق التي نزلوا بها حتى أن اسم الحبشة ذاته مأخوذ من اسم إحدى هذه القبائل العربية المهاجرة إلى الحبشة والتي تسمى "حبشة" أو "حبشات"([1]) ، كما أن لغة الحبشة القديمة "اللغة الجعزية" اكتسبت اسمها من اسم إحدى القبائل العربية المهاجرة وهي قبيلة "الأجاعز " أي الأحرار([1]) .
كذلك قامت علاقات تجارية بين الجانبين ، فقد كانت الحبشة منذ أقدم الأزمنة سوقاً تجارية هامة فقد كانت مورداً لا ينضب لعدد من الرقيق الذي كان مطلباً من أهم مطالب الدول القوية القديمة ، كما كانت غنية بالأخشاب والتوابل وسن الفيل والجلود . وقد قام التجار العرب وخاصة اليمنيون بدور كبير في تصريف هذه التجارة ، فقد اتخذوا من ساحل إفريقيا الشرقي موطناً لهم ، وعملوا على نقل هذه المواد إلى الدولة الرومانية الشرقية عبر مكة ويثرب وإلى الدولة الفارسية عبر اليمن وحضرموت([1]). وقد تحولت هذه العلاقات إلى علاقات سياسية وحربية في كثير من الفترات ، حيث عملت الحبشة على حماية طرق تجارتها فغزت اليمن أكثر من مرة واحتلتها في الفترة ما بين سنة 300 - 378 م حين استطاع اليمنيون طرد الأحباش ، وكرر الأحباش الأمر مرة أخرى واستمرت العلاقات بين الجانبين في توتر وشد وجذب لفترة طويلة حتى قبيل ظهور الإسلام ويلاحظ أن اللغة العربية في هذه الفترة لم يتعد استخدامها في الحبشة نطاق المعاملات التجارية مع العرب ولم تتجاوز الساحل الشرقي للحبشة ولم تتوغل داخلها ، ولذا يمكننا أن نعتبر الفترة التي سبقت ظهور الإسلام عبارة عن بواكير وإرهاصات لدخول وانتشار اللغة العربية إلى الحبشة .
2.2. مرحلة الازدهار .
مع ظهور الإسلام شهدت اللغة العربية مرحلة جديدة من مراحل الانتشار في إثيوبيا ، حيث حمل الإسلام اللغة العربية معه حيثما حلَّ وأينما ارتحل وسارت اللغة العربية بجانب الإسلام تنتشر حيث ينتشر وتستقر حيث يستقر. فمع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية ، بدأت قريش تضطهد المسلمين فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى الحبشة. واستقر المهاجرون المسلمون هناك فترة من الزمن ، وإذا كانت هذه الهجرة لم تترك أثراً يذكر في نشر الإسلام أو نشر اللغة العربية في الحبشة إلا أنها كانت بمثابة تعريف للأحباش بهذا الدين الجديد الوافد من جزيرة العرب .
وبعد أن انتشر الإسلام في شبه الجزيرة العربية ودانت بلاد العرب للمسلمين ، وأصبحوا يتحكمون في طرق القوافل داخل الجزيرة العربية . كما أسهموا بنشاط كبير في التجارة الشرقية بين مصر والهند عن طريق البحر الأحمر ، وعبرت مجموعة قليلة من تجار العرب الساحل الغربي للبحر الأحمر ، كما اخترق عدد من هؤلاء الحدود الحبشية وأسسوا لهم مراكز استقرار بالتدريج على الساحل الحبشي ([1]) . وبدأ العرب في الظهور كقوة فتية على الساحة العالمية ، كما أخذ الإسلام يسير بخطى واسعة واستقر في الساحل الشرقي للحبشة وتكونت للمسلمين مراكز استقرار على طول الساحل الشرقي لإفريقيا . وامتزج المسلمون العرب بالوطنيين وصاهروهم فأخذ الإسلام واللغة العربية ينتشران تدريجياً . واعتنق كثير من سكان الحبشة الإسلام مثل قبائل الساهو والعفر في شرق الحبشة والسيدامو وشوا في جنوب الحبشة كما تأثرت به أيضا القبائل الصومالية ، ودخل كثير من البيجا في الإسلام ([1]). وكان كلما انتشر الإسلام في مكان أسرع إليه الفقهاء والعلماء وأقاموا الكتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم ولتعليم اللغة العربية ومبادئ الدين الإسلامي . وقد كان لهذه الحركة التعليمية أثراً كبيراً في انتشار اللغة العربية بين هذه القبائل التي اعتنقت الإسلام حيث استخدموها كلغة دينية ووسيلة لإقامة شعائر دينهم ، فكان كل داخل في الإسلام يتعلم حفظ ما يستطيع أن يقيم به صلاته ثم يمضي إلى تعلم اللغة العربية ليزداد تفقهاً في الدين. كما استخدم الأحباش اللغة العربية كلغة تعامل مع التجار العرب المسلمين ، وكلغة تعامل مشتركة فيما بينهم لأن كل قبيلة من هذه القبائل لها لغتها الخاصة بها والتي لا تفهمها القبائل الأخرى ولذلك فقد استخدمت اللغة العربية ـ لغة القرآن الكريم ـ كلغة تعامل Lingua Franca بين هذه القبائل ، فقد جعل الإسلام من اللغة العربية لغة عالمية للتفاهم كما أضفى على هذه القبائل نوعاً من الوحدة الثقافية .
ولم يتوقف انتشار اللغة العربية على الساحل الشرقي للحبشة فقط بل امتد إلى داخل الحبشة نفسها ، حيث حملها إلى الداخل التجار العرب والدعاة والمعلمون وحملتها القبائل العربية المهاجرة والطرق الصوفية إلى أعماق الهضبة الحبشية .
وقد شهدت اللغة العربية مرحلة من الانتشار والازدهار الكبير وقد ارتبط ذلك بالتوسع الإسلامي الكبير في الحبشة. من أبرز فترات التوسع الإسلامي في الحبشة نجد الفترة ما بين القرنين 10 - 12 م حيث تعتبر هذه الفترة فترة التوسع المنظم للإسلام ديناً ودولة حيث ظهرت الممالك الإسلامية في الحبشة ، وشهدت ازدهاراً لنشر العقيدة الإسلامية وتدعيم سلطان الممالك الإسلامية داخل الوطن الإثيوبي . وهذه الممالك اشتهرت وذاع صيتها وعُرفت باسم ممالك الطراز الإسلامي واشتهرت في هذا الطراز إمارات سبع هي : أوفات ، دارداو، أرابيني ، هدية ، شرخا ، بالي ، دارة . وقد اتسم تكوين هذه الممالك بصفة عامة بالطابع السلمي التجاري ، إذ امتلك المسلمون ناصية التجارة الداخلية والخارجية وقد ارتبطت هذه الممالك بالعالم الإسلامي الخارجي عن طريق التجارة والحج وانتقال طلاب العلم للدراسة في المدينة المنورة ودمشق والقاهرة ([1]). وقد اهتمت هذه الممالك بالتعليم الإسلامي فأنشئت المدارس المختلفة لتحفيظ القرآن الكريم ولتعليم اللغة العربية بالإضافة إلى تدريس العلوم الإسلامية كالفقه والحديث والتفسير وغيرها من العلوم الإسلامية . وقد انتشرت اللغة العربية في هذه الممالك بشكل كبير حيث أن أهالي البلاد كانوا يتكلمون اللغة العربية إلى جانب لغاتهم المحلية ، فقد كان أهل أوفات يتحدثون العربية إلى جانب لغاتهم الحبشية ([1]) . كما ذكر أحد الكتاب أنه في أثناء زيارته لمدينة دارداو وجد أن اللغة العربية في هذه البلدة هي اللغة السائدة وهي اللغة الأولى التي يتكلم بها أهلها حتى النساء والأطفال الصغار وهم يتكلمون بها بفصاحة حتى يخيل إليك إذا سمعتها أنك في بلد عربي ([1]).
وشهدت اللغة العربية مرحلة أخرى من الازدهار في القرن السادس عشر وهذه المرحلة ارتبطت بالموجة الجديدة لانتشار الإسلام ، ففي هذه الفترة شهدت حركة انتشار الإسلام أكبر قوة لها مع ظهور الإمام أحمد بن إبراهيم الذي استطاع توحيد مسلمي إثيوبيا وأخذ يستولي على المدن الإثيوبية الواحدة تلو الأخرى حتى دانت له البلاد بالولاء والطاعة ودخلت أغلب أقاليم إثيوبيا في طاعته وتحت سيطرته عدا أجزاء محدودة منها ، واستمر جهاد الإمام أحمد بن إبراهيم حوالي خمسة عشر عاماً قبل أن يتدخل البرتغاليون في ساحة الصراع والأحداث التي انتهت باستشهاده . وبدأت سلطة المسلمين بعد ذلك في الضعف والتقلص بعد أن كانت وصلت إلى أوج ازدهارها وأقصى توسعها ، وكان لهذه الفترة من التوسع أثر كبير في توطيد قواعد الإسلام ونشر اللغة العربية في أنحاء إثيوبيا ، حيث امتد الإسلام ووصل إلى مناطق وأراضي لم يكن قد وطئها من قبل.
وقد شهدت اللغة العربية نهضة أخرى في القرن التاسع عشر أثناء عصر الفوضى الذي ساد الحبشة، فقد كان الإسلام في بداية القرن التاسع عشر يمر بفترة ركود فقد أثناءها حماسه ونشاطه في التقدم والانتشار. ولكنه استعاد نشاطه من جديد في تلك الفترة وتمكنت مدينة هرر في تلك الأثناء من استعادة نشاطها كمركز للإشعاع الإسلامي ، وانتشر الإسلام في منطقة عروسي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، أما مملكة الحبشة نفسها (فوق الهضبة الحبشية) فقد بلغ انتشار الإسلام فيها مبلغاً كبيراً عن طريق إسلام قبائل الجالا (الأورومو) الذين استقروا فوق الهضبة ([1]). وإذا كان التعليم الإسلامي قد انحصر منذ عهد بعيد في المدن الساحلية ومدينة هرر فقط فإنه في خلال القرن التاسع عشر كان للنهضة الإسلامية أثر كبير في انتشار الإسلام واللغة العربية في كل الأنحاء ، حيث قام المشايخ بتأسيس جميع أنواع المدارس في المدن والمراكز الإسلامية ([1]) وذلك من أجل تعليم الدين الإسلامي واللغة العربية .
3 . عوامل انتشار اللغة العربية في إثيوبيا .
هناك عدة عوامل تضافرت سوياً وأدت إلى انتشار اللغة العربية في إثيوبيا . ومن أهم هذه العوامل نجد :
1.3. العامل الديني:
يأتي العامل الديني في مقدمة عوامل انتشار اللغة العربية في إثيوبيا ، فقد أخذ الإسلام ينتشر شرقاً وغرباً فدخلت بلاد العرب في الإسلام ولحقت بها الشام والعراق وفارس وغيرها من البقاع . وسارت اللغة العربية مع الإسلام جنباً إلى جنب فحيث انتشر الإسلام واستقرت قواعده انتشرت اللغة العربية. فمع اعتناق أي فرد من الأفراد للدين الإسلامي لابد له من الإلمام ، على الأقل ، ببعض الآيات القرآنية حتى يؤدي بها صلاته وواجباته الدينية ، ولذلك فإنه لابد أن يكون على علم ولو ضئيل باللغة العربية ، أما من يريد أن يفهم دينه ويتبحر فيه فلابد له من الإلمام الجيد باللغة العربية حتى يستطيع قراءة القرآن الكريم وفهمه وقراءة شروحه وتفاسيره . وبهذه الطريقة حمل الإسلام اللغة العربية معه حيثما حلًَ وأينما ارتحل على نحو يجعل للعربية درجة من الانتشار في كل المناطق التي تضم جماعات مسلمة ، ولم تكن الحبشة بمعزل عن هذا الأمر فانتشار الإسلام بها أدى إلى انتشار اللغة العربية .
2.3. دور التجار .
لعب التجار دوراً قوياً في انتشار اللغة العربية في إثيوبيا . فإذا كان بعض التجار العرب قد استقروا قبل الإسلام على الساحل الشرقي للحبشة وعملوا في التجارة فإنه بعد الإسلام كثر عدد التجار العرب بشكل كبير وأقاموا مراكز استقرار لهم على طول الساحل ، كما نشأت الكثير من المدن الساحلية التي تحولت إلى مراكز تجارية هامة ، ولم يكن من المعقول أن يظل النفوذ العربي الإسلامي حبيساً في هذه المدن الساحلية بل كان لابد أن ينفذ إلى المناطق الداخلية ، فكان هؤلاء التجار هم الوسيلة والعدة في نشر الدعوة الإسلامية واللغة العربية . فقد كانوا يرحلون إلى المناطق الداخلية التماساً للتجارة ، وكانوا يقيمون بها بعض الوقت ثم ينحدرون للساحل من جديد ، وفي أثناء إقامتهم كانوا يخالطون الناس ويتعاملون معهم وينشرون الإسلام مما يستتبع نشر اللغة العربية .
كما كانت هذه المدن الساحلية أسواقاً ضخمة يقصدها أبناء البلاد الأصليين لبيع حاصلاتهم ، وشراء ما يحتاجونه أو بقصد الإقامة والتماس فرص العمل فكان اختلافهم إلى هذه المدن يتيح لهم الاحتكاك بالحياة الإسلامية والثقافة العربية عن كثب ، مما يدفعهم إلى اعتناق الإسلام ومن ثم ينشروه بين ذويهم إذا عادوا لبلادهم . كما أن المعاملات التجارية في مثل هذه الأسواق كانت تتم في الغالب باللغة العربية أو بالعربية المختلطة بلغات البلاد المحلية مما أتاح لهؤلاء الأفراد أن يعرفوا قدراً من اللغة العربية من خلال هذه المعاملات مما كان له أثر ما في نشر اللغة العربية بين السكان الأصليين حتى إذا ما اعتنقوا الإسلام صار واجباً عليهم الإلمام ولو بشكل قليل باللغة العربية .
كما قام العديد من التجار الأثرياء بفتح الكتاتيب والمدارس لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية ، كما كانوا يرسلون الطلاب المتفوقين إلى الحرمين أو دمشق أو القاهرة لإتمام تعليمهم ([1]) وكان لهذا الأمر أثر كبير في نشر اللغة العربية في إثيوبيا .
3.3. دور الهجرات العربية .
لعبت الهجرات العربية وتحركات القبائل دوراً هاماً في نشر اللغة العربية في إثيوبيا . فقد خرجت هجرات متعددة من القبائل العربية بعد هجرة المسلمين الأولى قصدت الحبشة واستقرت بها. ومن هذه الهجرات هجرة أقوام من ربيعة وقحطان واستقرت في مناطق البيجا([1]) ، كذلك هاجرت أقوام من قبيلة بني مخزوم القرشية التي أقامت إحدى الممالك الإسلامية بزعامتها في منطقة شوا الشرقية في نهاية القرن التاسع الميلادي تقريباً ، وقد هاجر أسلاف هذه الأسرة عبر البحر الأحمر في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ([1]) . كذلك هاجر العديد من المسلمين لأسباب اقتصادية أو سياسية من شبه الجزيرة العربية أو من مصر ووصلوا إلى الحبشة . فبعد قيام الخلافة الأموية وأثناء تثبيتها لحكمها في الحجاز هاجر العديد من العرب فراراً من الأمويين ، وتكررت نفس الهجرة وعلى نفس النمط عندما قامت الخلافة العباسية ، ففر كثير من معارضيها وانتشروا في شمال إفريقيا والأندلس ومنهم عدد لا بأس به وصل إلى الشاطئ الإفريقي ([1]) ومنهم من توغل إلى الحبشة . ولم تتوقف الهجرات العربية عند ذلك التاريخ فقط بل توالت واستمرت على مدار السنين نتيجة للجوار الجغرافي أو نتيجة للظروف السياسية أو للعوامل الطبيعية ، وإن أخذت شكلاً أقل حدة وأقل تدفقاً حيث يذكر فيرجسون أن هذه الهجرات استمرت حتى أنه يذكر أن هناك عدد من المجموعات المسلمة المتحدثة بالعربية نزحت من السودان إلى إثيوبيا في القرن التاسع عشر ([1]) .
وقد لعبت هذه الهجرات دوراً هاماً في نشر اللغة العربية بين السكان الأصليين ، نظراً لأن هذه القبائل العربية اختلطت بالسكان الأصليين واندمجت معهم وصاهرتهم ، كما أن هذه القبائل كانت على قدر من التقدم والرقي مما يجعلها من عناصر التأثير فيمن حولها من السكان الأصليين .
4.3. العامل الحضاري:
ومن العوامل التي ساهمت في نشر اللغة العربية في إثيوبيا أيضا نجد العامل الحضاري . وهذا العامل يعني أنه إذا التقت لغة ذات تراث حضاري متفوق مع لغة أخرى حظها من ذلك التراث قليل فإن الأمر ينتهي بتغلب وسيطرة اللغة الأولى([1]) . وقد حدث هذا مع اللغة العربية في إثيوبيا ؛ فإثيوبيا بها عدد كبير من اللغات المحلية ذات التراث الحضاري المتواضع وقد اصطدمت هذه اللغات باللغة العربية التي كانت في تلك الفترة لغة الحضارة الإسلامية التي ازدهرت في العصر الأموي والعباسي وبلغت شأناً كبيراً وأدى ذلك إلى سيطرة اللغة العربية ، فأصبحت هي لغة التعامل .
5.3. عامل المصلحة الشخصية :
كما أن هناك عاملاً آخر جعل العربية لها هذا الشأن في إثيوبيا وهو عامل مصلحة الأفراد الشخصية ، فالعربية هي اللغة التي يستطيع أن يصل الأفراد عن طريقها إلى الوظائف الرفيعة ، وذلك عن طريق التعامل مع العرب المسلمين الذين يتمتعون بمكانة اجتماعية رفيعة ، فقد كانوا سادة التجار والماسكين بزمام الحياة الاقتصادية في البلاد . لذا كان من صالح الأفراد الأحباش أن يتعلموها إن لم تكن لأنها لغة دينهم فلأنها وسيلة للتكسب والارتزاق ، بعد أن صارت الوظائف التي تتطلب خبرة خاصة ومستوى ثقافياً معيناً لا يشغلها سوى المسلمين المتعلمين لذا فقد التزم كل مسلم بتعليم أبنائه القراءة والكتابة بالعربية ([1]) .
وبالإضافة إلى هذه العوامل فإن الطرق الصوفية والدعاة والمعلمون قاموا بجهود صادقة في نشر الإسلام واللغة العربية عن طريق التعليم والدعوة الصادقة ، كما قاموا بإنشاء المساجد وفتح المدارس كما صاهروا أهل البلاد واندمجوا فيهم.
4 . مظاهر انتشار اللغة العربية في إثيوبيا .
اتخذ انتشار اللغة العربية في إثيوبيا عدة مظاهر منها :
1.4. اللغة العربية لغة تعامل :
تحدث كثير من الإثيوبيين اللغة العربية واحتفظوا بها إلى جانب لغاتهم الأصلية . فغالبية المدن الإسلامية اتخذت اللغة العربية لغة للدين والثقافة واستخدموها كلغة تعامل فيما بينهم ؛ فأهل أوفات على سبيل المثال كانوا يتحدثون اللغة العربية إلى جانب لغاتهم الحبشية([1]) ، كما أن اللغة العربية صارت اللغة السائدة أو اللغة الأولى في مدينة دارداو التي يتكلم بها أهلها حتى النساء والأطفال الصغار وهم يتكلمون بها بفصاحة يخيل للمرء إذا سمعها انه في بلد عربي ([1]) . وقد ذكر أحد الزائرين الأوائل للحبشة في القرن التاسع عشر أنه لاحظ أن عدداً كبيراً من الصوماليين والدناكل الذين لم يستقروا في قرى أبداً لديهم القدرة على قراءة وكتابة اللغة العربية . وقد ذكر مراقب آخر أنه في الغرب في جيما يوجد الكثير من المسلمين الذين يستطيعون قراءة القرآن الكريم باللغة لعربية ([1]) .
2.4. اقتراض اللغات المحلية الإثيوبية كثير من الألفاظ العربية .
اقترضت اللغات المحلية الإثيوبية كثيراً من الألفاظ العربية ، فقد كانت اللغة العربية لغة ذات تراث كبير ولغة حضارة راقية بينما كانت اللغات الإثيوبية أقل منها في هذا الجانب فاقترضت منها الكثير من ألفاظ الحضارة وغيرها من المفردات التي دخلت هذه اللغات ، وقد أورد كثير من العلماء قوائم بهذه المفردات المقترضة من اللغة العربية ([1]) .
ولم يقتصر تأثير اللغة العربية على مسلمي إثيوبيا فقط بل تعداهم إلى المسيحيين أيضا ، وذلك عن طريق تأثير الكنيسة المصرية التي ارتبطت بها الكنيسة الحبشية . وقد تحقق ذلك التأثير عن طريق الكتب الدينية التي تمت ترجمتها ونقلها من العربية إلى الجعزية أو الأمهرية ، وخاصة بعد أن حلت اللغة العربية محل اللغة القبطية في مصر ، فقد اتخذ الأقباط في مصر من اللغة العربية لغة للكنيسة ونقلوا إليها الكتب الدينية كما ألفوا باللغة العربية . وبعد ذلك أخذ الأحباش ينقلون هذه الكتب من العربية إلى الجعزية ثم إلى الأمهرية فنقلوا قصصاً تروي أعمال الرسل ، وقصة آدم وحواء وكتباً عن معجزات السيد المسيح وعجائب مريم العذراء ، وحياة القديسين والشهداء وعجائبهم . كما تُرجمت كتب خاصة بخدمة القداس وطقوس العماد والدفن والصلوات والعظات وغير ذلك ، كما نقل الأحباش كتباً في اللاهوت كانت قد دونت بالعربية ، كما تُرجم عن العربية إلى الجعزية أيضا العديد من الكتب في القرن السابع عشر للدفاع عن المذهب اليعقوبي([1]). واستمرت حركة الترجمة والنقل هذه فترة طويلة .
ونظراً لأن الأحباش المسيحيين ظلوا قرونا عديدة ينقلون آدابهم عن اللغة العربية كان طبيعياً أن تؤثر اللغة العربية في لغة المترجمين إلى حد بعيد . فقد ظهر في الكتب المترجمة إلى الحبشية أثر عربي واضح في كثير من العبارات والصيغ والألفاظ ، كما تظهر في هذه النصوص الحبشية عبارات أخذها المترجمون الأحباش بنصها كما هي في اللغة العربية . ومن هذه الألفاظ: الحبس، الحكيم، المنار، القارورة، الوباء، الخف، الورد، الجنين، ضابط الكل، الدر وغيرها من الألفاظ العربية([1]) . وبدون شك فإن هذا يوضح مدى تأثر الأحباش المسيحيين بالثقافة القبطية المدونة بالعربية.
3.4. كتابة اللغات الإثيوبية بالحرف العربي :
تمت كتابة كثير من اللغات المحلية الإثيوبية بالحرف العربي. فقد تم كتابة اللغة الهررية ، وهي لغة يُتحدث بها في مدينة هرر في شرق إثيوبيا واسمها المحلي أدار Adare ، بالحرف العربي . ومن ناحية أخرى فإن هذه اللغة على الرغم من أنها محاطة من جميع الجهات بلغة الجالا (الأورومو) والصومالي وهذه اللغات تركت أثرها في اللغة الهررية ولكن التأثير الكبير في مجال المفردات أحدثته اللغة العربية ويرجع ذلك إلى التأثير الإسلامي الطويل بها حيث تعتبر مدينة هرر أول مدينة إسلامية في إثيوبيا([1]) . كذلك كتب الصوماليون في الحبشة لغتهم بالحرف العربي ، كما أن متحدثي لغات العفر والبيجا من الجماعات البدوية المسلمة يفضلون استخدام العربية كلغة مكتوبة لهم([1]) . كما استخدم الحرف العربي في كتابة اللغة الأورومية (لغة الجالا) حيث استعمل الحرف العربي منذ زمن بعيد في كتابة النصوص الدينية والأذكار والمدائح ([1]).
4.4. كتابة مؤلفات العلماء الأحباش باللغة العربية .
ظهر العديد من العلماء والفقهاء من بين المسلمين الأحباش الذين نبغوا في العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية وبلغوا فيها شأناً كبيراً ، حتى أنهم وضعوا العديد من المؤلفات بلغاتهم المحلية وباللغة العربية أيضا . ومن هؤلاء العلماء الشيخ سيد فقيه زبير من ياجو (ت 1242هـ) الذي وضع أربعين مقالة تعليقية عن الأجرومية ، وجمال الدين محمد من أنّا Anna (ت 1882ه( والذي وضع كتاباً كاملاً في الفقه بعنوان " كفاية الطالبين في معرفة مهمات الدين" ، والشيخ إبراهيم عبد الرازق الذي ألف تعليقات على ألفية بن مالك ، والشيخ جوهر بن حيدر من شونقي والذي وضع كتاباً في الفقه بعنوان " عناية الطالبين "، كما كتب الشيخ محمد أمان من داري تعليقاً على الأجرومية بعنوان " المقاصد الوافية في شرح الأجرومية "([1]). ومن العلماء المشهورين أيضا الشيخ حسن بن حبيب الحنفي الجبرتي من والو وله مؤلفات ومصنفات كثيرة منها تفسير القرآن الكريم " شرح وقاية الرواية "، " شرح كنز الدقائق " ، " شرح مختصر القدوري " ، " شرح تحفة الملوك الذي سماه بمنهج السلوك" وله تصنيفات وشروح أخرى كثيرة ([1]).
5 . الوضع الحالي للغة العربية في إثيوبيا .
تعرفنا في الصفحات السابقة على مراحل انتشار اللغة العربية في إثيوبيا، وعوامل هذا الانتشار ومظاهره ورأينا إلى أي مدى وصلت اللغة العربية من مكانة وانتشار في إثيوبيا. إلا أن اللغة العربية في إثيوبيا تعرضت إلى هزات متعددة ومعوقات كبيرة أدت إلى تراجع هذه المكانة وانحسار ذلك الانتشار ، ورغم ذلك فما تزال اللغة العربية تحتفظ بمكانة ووضع متميز في إثيوبيا . ولازال لها نوعاً من التواجد على الساحة الإثيوبية وذلك على النحو التالي:
1.5. اللغة العربية لغة دين :
لا تزال اللغة العربية هي اللغة الدينية لمسلمي إثيوبيا ، فعدد المسلمين الكبير لا يزال من أهم عوالم استقرار وثبات اللغة العربية هناك . وتعد اللغة العربية لغة مقدسة بالنسبة لمسلمي إثيوبيا فهي لغة القرآن الكريم وهي اللغة المستخدمة في إقامة الشعائر الدينية ، لذا فإن معرفة اللغة العربية لا تزال ملازمة لحفظ القرآن الكريم وفهمه وضرورة لفهم واستيعاب تعاليم الإسلام من مصادره الأساسية . ويشير فيرجسون إلى هذا الدور الذي تلعبه اللغة العربية في إثيوبيا فيذكر أن أي مسلم بصرف النظر عن لغته الأم لابد له من الإلمام ببعض العبارات العربية مثل الشهادتين " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله " أو عبارة التحية "السلام عليكم " أو البسملة أو غيرها ، كما يجب عليه حفظ الفاتحة وبعض الآيات القرآنية باللغة العربية حتى يستطيع أن يؤدى صلاته . ومن أراد أن يزداد تفقهاً في شئون دينه فعليه أن يزداد علماً باللغة العربية ليطلع على المؤلفات الدينية المختلفة من كتب الفقه والشروح والتفاسير وكتب الحديث …الخ . ولذا نجد أن الأفراد يختلفون في مدى إلمامهم وإتقانهم للغة العربية فمنهم من يفهمها ويتحدثها بشكل تام ويستطيع استخدامها في الحياة اليومية ، ومنهم من يستطيع تلاوة القرآن الكريم والحديث في الأمور الدينية ويمكنه فهم الخطب باللغة العربية لكنه لا يستطيع استخدامها في حياته اليومية . ومنهم من تقتصر معرفته بها على إقامة الشعائر الدينية فقط ويتوقف كل ذلك على مقدار ما تعلمه من اللغة العربية في المساجد أو في المدارس الإسلامية التي يتم فيها تعليم اللغة العربية ([1])2.5. اللغة العربية لغة تعامل :
تعد اللغة العربية إحدى أهم لغات التعامل في إثيوبيا ، حيث تعتبر اللغة العربية واللغة الأمهرية من لغات التعامل والاتصال واسعة الانتشار في إثيوبيا ([1]) ، وتظهر هذه الأهمية بشكل خاص بين مسلمي إثيوبيا الذين يتحدثون لغات مختلفة حيث تعد العربية وسيلة التفاهم المشتركة بينهم جميعاً . وللعربية وجود واضح في المدن الإسلامية مثل هرر وجيما وعروسي وغيرها من المدن الإسلامية بإثيوبيا . ويجب هنا أن نشير أنه من النادر أن تجد من الإثيوبيين غير المسلمين من يتحدث اللغة العربية كلغة تعامل فهي مرتبطة إلى حد كبير بالأقاليم والجماعات المسلمة في إثيوبيا. واللغة العربية المستخدمة في الحديث في إثيوبيا تميل إلى اللهجة اليمنية أو السودانية ولكنها تتأثر أحيانا باللهجات المحلية ، كما أن هناك عدداً من المسلمين الذين تأثروا باللغة العربية الفصحى نتيجة لدراستهم لها في المدارس أو المساجد أو عن طريق الإذاعة أو القراءة فاستخدموها في معاملاتهم ([1]) .
ولا تزال اللغة العربية مفهومة في الأسواق الإثيوبية بشكل كبير حيث أدت سيطرة العرب القديمة على التجارة الإثيوبية إلى انتقال كثير من المفردات العربية في هذا المجال والتي لا تزال موجودة حتى الآن . إلا أن وضع اللغة العربية كلغة تعامل آخذ في التراجع أمام سيادة اللغة الأمهرية من ناحية وأمام التقدم والانتشار الكبير للغة الإنجليزية من ناحية أخرى .
3.5. اللغة العربية في وسائل الإعلام الإثيوبية :
تتمتع اللغة العربية بوجود ملحوظ على الساحة الإعلامية الإثيوبية . فالإذاعة الإثيوبية تُخصص يومياً ساعة من إرسالها تقدم باللغة العربية ، وتتناول هذه الفترة الأخبار المحلية والعالمية كما تتضمن بعض البرامج والأغاني العربية كما تصدر عدة صحف إثيوبية باللغة العربية ومن هذه الصحف صحيفة "العلم"، ويزيد عمر هذه الصحيفة عن نصف قرن ، وتصدر في أديس أبابا ولم تتوقف عن الصدور منذ نشأتها في عام 1942 وحتى الآن ، و"العلم" صحيفة حكومية تصدر عن وزارة الإعلام الإثيوبية والهدف من إصدارها إعلام الشعوب العربية والمجتمع الدولي بالنشاطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لإثيوبيا ، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين إثيوبيا وبلدان العالم العربي المجاورة ([1]) . وهناك أيضا بعض الصحف والمجلات العربية والإسلامية التي تصدر في إثيوبيا مثل مجلة "بلال" وهي مجلة إسلامية شهرية تعكس وجهة النظر الإسلامية والمجتمع المسلم في إثيوبيا ، وكذلك تصدر مجلة "الرسالة" وهي مجلة إسلامية تصدرها جمعية إسلامية باللغة العربية واللغة الأمهرية . وكان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية قد أصدر صحيفة نصف شهرية باللغة العربية والأمهرية إلا أنها توقفت عن الصدور لأسباب مالية ([1]) . وبدون شك فإن صدور مثل هذه الصحف يدل دلالة واضحة على أن اللغة العربية في إثيوبيا لها أرضية وخلفية ثابتة بحكم ذلك العدد الهائل من المسلمين وبحكم الجوار العربي .
4.5. اللغة العربية في التعليم الإثيوبي :
نظراً لأهمية الحديث عن وضع اللغة العربية في نظام التعليم الإثيوبي فإننا سوف نتناوله بشيء من التفصيل.
لو أردنا أن نرصد تعليم اللغة العربية في إثيوبيا فإننا يجب أن نشير في البداية إلى أن إثيوبيا بها نوعين من التعليم:
1 - تعليم حكومي.
2 - تعليم غير حكومي (محلي ـ خاص)
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يتم تدريس اللغة العربية في أي مرحلة من مراحل التعليم الحكومي. أما في التعليم غير الحكومي فنجد أن اللغة العربية يتم تعليمها وتدريسها بشكل كبير، حيث يتم تدريس اللغة العربية في المدارس القرآنية التقليدية وكذلك في بعض المدارس الإسلامية الخاصة محدودة الانتشار. ويلاحظ أن الهدف من تعليم اللغة العربية في إثيوبيا يختلف من منطقة إلى أخرى ، ففي المناطق الريفية أو المناطق البدوية نجد أن الهدف ديني وثقافي في المقام الأول حيث يتم التعليم من أجل تمكين الأطفال من قراءة وتلاوة القرآن الكريم والنصوص الدينية الأخرى المكتوبة بالعربية . أما في المناطق الأكثر تمدناً فإن اللغة العربية تستخدم كلغة تعامل وكوسيلة اتصال على الأقل في المعاملات التجارية وفي تدوين الحسابات أو كتابة العقود وما شابه ذلك([1]) . لذلك نجد أن مستوى إلمام الإثيوبيين المسلمين باللغة العربية يختلف من منطقة إلى أخرى .
ويتم تدريس اللغة العربية في مدارس تسمى "المدارس القرآنية" وهي مدارس أهلية لا تخضع لإشراف الحكومة ولا تحظى باعترافها وهي مدارس بدائية إلى حد كبير، وتنقسم الدراسة في هذه المدارس إلى مرحلتين هما:
أولاً : مرحلة التهجي Tehaji :
تشبه هذه المرحلة إلى حد بعيد نظام التعليم الديني الذي كان قائماً في كثير من البلاد العربية والإسلامية والذي يعرف في مصر، على سبيل المثال، باسم "الكُتَّاب" والذي لا تزال أثاره باقية حتى الآن في بعض القرى المصرية. وكلمة "تهجي" كما هو واضح كلمة ذات أصل عربي([1]) . وهذه المرحلة لها هدفان أساسيان هما:
1 - تعليم الحروف العربية. 2 - قراءة القرآن الكريم.
ولتحقيق هذين الهدفين لابد أن يمر الطالب بعدة خطوات. ففي البداية يجب عليه أن يتعلم الحروف العربية. ويبدأ الطلاب في حفظ هذه الحروف فتكتب على ألواح خشبية ويقوم المعلم أو أحد التلاميذ القدامى بقراءتها ويظل الطفل يرددها حتى يحفظها عن ظهر قلب . والخطوة التالية يتعلم فيها الأطفال النقاط التي توضع فوق الحروف أو أسفلها أو داخلها ثم يتعلم الطفل النطق الصحيح للحروف حيث يتعلم علامات الشكل الأربعة (الفتحة ـ الكسرة ـ الضمة ـ السكون) . ثم يتعرف الطالب على أصوات المد ( ا ، و ، ى ) وتعد هذه الخطوة خطوة هامة جداً بالنسبة للأطفال حيث أن اللغة العربية تعتبر لغة أجنبية بالنسبة لهم وهم لن يستطيعوا أن يقرءوا أو يكتبوا دون معرفة هذه الحركات كما يفعل أبناء العربية ، بالإضافة إلى أن الهدف الرئيسي من تعلم اللغة العربية في هذه المرحلة هو قراءة القرآن الكريم المكتوب مصحوباً بالحركات . وبعد ذلك يتعلم الطلاب كيفية الربط بين الحروف وكيفية قراءتها وكتابتها مجمعة([1]). وبعد ذلك يبدأ الطلاب في التدرب على قراءة الآيات القرآنية ويتم ذلك بطريقة التهجي ، وربما اكتسبت هذه المرحلة تسميتها من هذه العملية ، فنجد أن الطالب يبدأ بنطق الحروف والحركات واحدة تلو الأخرى ثم يقرأها بعد ذلك سوياً . فيبدأ بتحديد الحرف الأول من الكلمة ثم يحدد الحركة وبعد ذلك يتم نطق الصوت الناتج عن اتحادهما معاً . ويتكرر هذا بالنسبة للحرف الثاني والثالث حتى تنتهي حروف الكلمة وعندئذ ينطق الكلمة ذاتها كلها دفعة واحدة.
وبعد فترة من التدريب يبدأ الطفل في حفظ سور وأجزاء القرآن الكريم حتى يتم حفظه. وبعض الطلاب يتمكنون من حفظ القرآن الكريم كاملاً بينما تكتفي غالبية الطلاب بحفظ عدة أجزاء منه فقط ومن ثمَّ يتوقفون عن الذهاب إلى المدرسة وبذلك يصل تعليم لطفل إلى نهايته في هذه المرحلة ([1]).
ثانياً : المدارس العالية "علم" Ilm :
بعد أن ينهي الطلاب مرحلة التهجي فإن الكثيرين منهم وخاصة الذين يسكنون المناطق الريفية والبدوية يتوقفون عن مواصلة الدراسة ويكتفون بما حصلوه من معرفة، أما الطلاب الذين يريدون مواصلة دراستهم فإنهم يلتحقون بالمدارس الإسلامية العالية التي تسمى " علم " . وفي هذه المرحلة يتم تقديم دراسة مكثفة للفقه الإسلامي كما يتم أيضا تدريس علم التوحيد والتفسير والحديث وكذلك تتم دراسة علم المنطق.
وحتى يتمكن الطلاب من دراسة وتحصيل هذه العلوم فلابد لهم من دراسة النحو العربي وقواعد العربية ، ويعد النحو من أهم العلوم اللغوية التي يتم تدريسها في هذه المرحلة ومن الكتب التي تدرس في هذا الفرع " الأجرومية" و"مطالعة العرب" و"ألفية بن مالك" و"المجيب" و"المغني اللبيب" ، كذلك هناك علوم لغوية أخرى يتم تدريسها مثل الصرف والعروض والبيان والبديع والبلاغة ([1]) .
وإذا كان معظم الطلاب في المناطق الريفية والبدوية يكتفون بالمرحلة الأولى ، فإنه في المناطق المتمدنة حيث يعمل أغلب المسلمين بالتجارة فإن القليل منهم يكرسون أوقاتهم لدراسة رسمية كهذه فمعظمهم يتعلمون شيئاً من التفسير أو الفقه وغيره من العلوم الدينية الإسلامية أثناء أوقات فراغهم في المساء حيث يذهبون إلى المسجد ويستمعون إلى الدروس التي تلقى هناك ([1]) .
ونظراً لأن المدارس القرآنية التي أشرنا إليها سابقاً والتي تقوم بتعليم اللغة العربية والقرآن الكريم لا تفي بمتطلبات العصر الحديث حيث أنها لا تدرس المواد الحديثة المختلفة (تاريخ ـ جغرافيا ـ كيمياء ـ لغة إنجليزية …الخ) ، كما أنها لا تعلم الأطفال قراءة وكتابة اللغة الأمهرية لغة الدولة الرسمية لذلك أخذت هذه المدارس في فقد الكثير من أهميتها ولم يعد لها مكان في نظام التعليم الحديث . لذا أصبح من الواجب إيجاد موائمة بين المدارس القرآنية والمدارس الحديثة في المناطق ذات الكثافة المسلمة ، ومن اجل هذا ظهرت المدارس الخاصة التي تعرف باسم "مدرسة" Madrasa وهذه المدارس عادة ما تقوم بتعليم اللغة العربية وقراءة القرآن الكريم بالإضافة إلى أنها تتبع منهج ومقررات وزارة التعليم . وهذا النوع من المدارس ينتشر إلى حد ما سواء في القرى الصغيرة أو في المدن الكبرى حيث توجد ست مدارس منها في مدينة هرر وعشرين مدرسة في ديرداو وعشرة مدارس في أديس أبابا وأعداد صغيرة أخرى في غيرها من المدن ([1]) . لكن يؤخذ على هذه المدارس ازدحام المناهج لأن الطلاب في هذه المدارس يجب أن يتعلموا اللغة العربية والقرآن الكريم بالإضافة إلى تعلم اللغة الأمهرية واللغة الإنجليزية إلى جانب المواد الأخرى التي تدرس في المدارس الابتدائية العادية ، كذلك يؤخذ على هذه المدارس أنها عادة لا تقدم برنامجاً تعليمياً كاملاً ونتيجة لذلك فإن العادة السائدة هي أن يترك التلاميذ هذه المدارس في الصف الثالث أو الرابع ويلتحقون بمدارس أخرى من أجل تعليم أفضل وفرص أكبر لاجتياز هذه المرحلة للوصول إلى المرحلة الثانوية .
وبالإضافة إلى هذين النوعين من المدارس التي تقوم بتعليم اللغة العربية (المدارس القرآنية ، المدارس الإسلامية الخاصة) نجد نوعاً ثالثاً من المدارس وهو المدارس الخاصة بالجاليات العربية والإسلامية في إثيوبيا ، وهذه المدارس تابعة لبعض الدول أو الأفراد من العرب والمسلمين وتقوم بتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي بالإضافة إلى المواد الأخرى . وهذه المدارس ذات مستوى تعليمي أفضل وتتمتع بإمكانيات تعليمية أكثر تقدماً لذلك تجد هذه المدارس قبولاً كبيراً من مسلمي إثيوبيا .
6 . أسباب انحسار وتراجع اللغة العربية في إثيوبيا .
عندما نطالع الوضع الذي وصلت إليه اللغة العربية في إثيوبيا ونرى مدى التراجع والانحسار الذي ألم بها يتبادر إلى أذهاننا تساؤل عن الأسباب التي أدت إلى ذلك الوضع . وللإجابة على هذا التساؤل نجد عدة أسباب تضافرت سوياً وأدت إلى ذلك التراجع ، ويأتي على رأس هذه الأسباب تأثير اللغات الأوربية والاستعمار . فبداية من القرن الخامس عشر وحتى القرن العشرين حاول الاستعمار الأوربي الذي بسط سيطرته ونفوذه على غالبية دول القارة ، الحيلولة دون تغلغل وانتشار الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا وبدأ الصراع بين الثقافتين العربية والأوربية ، وكان محل التنازع اللغة وسيلة نقل الثقافة ([1]) .
وقد عمل الاستعمار الأوربي على الامتداد اللغوي والثقافي والفكري في دول القارة. فانتشرت اللغات الأوربية في دول القارة بشكل كبير ، وحظيت اللغة الفرنسية بانتشار كبير في إفريقيا حيث توجد أربعة وعشرين دولة إفريقية تنتشر بها الفرنسية حيث تعد اللغة الفرنسية اللغة الرسمية بجانب لغة أو لغتين في الدول التي كانت مستعمرات فرنسية ، كما انتشرت اللغة الإنجليزية أيضا حيث توجد إحدى وعشرين دولة إفريقية تعتبر اللغة الإنجليزية فيها أكثر اللغات انتشاراً وبعض الدول اتخذتها كلغة رسمية لها ، كذلك انتشرت اللغة الأسبانية واللغة البرتغالية في المستعمرات التي كانت تابعة لهما ([1]) .
وإذا كان الاحتلال الإيطالي لإثيوبيا لم يؤد إلى نشر اللغة الإيطالية بها على نطاق واسع ، نظراً لقصر الفترة التي قضاها فيها ولم تتح له الفرصة لهذا التأثير الكبير ، إلا أن الإيطاليين قد تركوا أثراً لغوياً غير هين حيث انتشرت اللغة الإيطالية بين عدد من سكان إثيوبيا واستعملت الإيطالية كلغة تعامل وخاصة في مجال العمل والصناعة([1]). ولم تكن إيطاليا وحدها هي التي لعبت دوراً في نشر اللغات الأوربية في إثيوبيا فقد سبقها في هذا المجال البرتغاليون ، كما أن ظروف إثيوبيا السياسية أدت إلى تدخل قوى أجنبية أخرى وخاصة الإنجليز والفرنسيين ، وكل قوة من هذه القوى عملت على نشر اللغات الأوربية ، كل حسب توجهه ، وكان كل ذلك على حساب اللغة العربية .
وقد لجأت القوى الاستعمارية إلى وسائل مختلفة لتحقيق أهدافها ومن أهم هذه الوسائل :
1 - إطلاق يد البعثات التنصيرية وتخصيص الإمكانيات الكبيرة لها ، وترجمة الإنجيل إلى كل اللغات الإفريقية المحلية ، فتمت ترجمة الإنجيل إلى لغات إثيوبيا المحلية المختلفة ، فتُرجم إلى الأمهرية والأورومية والتيجرينية وغيرها من اللغات المحلية الأخرى .
2 - محاولة تشويه صورة العلاقات العربية الإثيوبية من ناحية والعلاقات المسيحية الإسلامية في إثيوبيا من ناحية أخرى ، وذلك عن طريق إظهار العرب على أنهم تجار رقيق ومستعمرون ، والعمل على إحياء نزعة التعصب الديني بين مسلمي ومسيحيي إثيوبيا بالإضافة إلى إهمال المسلمين وحرمانهم من فرص التعليم وفرص العمل المناسبة مما أدى إلى تأخرهم وتخلفهم .
3 - تعطيل كتابة اللغات الإثيوبية التي كانت تكتب بالحرف العربي ، واستبدال ذلك بالحرف اللاتيني ، فتم التوسع في كتابة اللغات الإثيوبية التي كانت تكتب بالحرف العربي واستبدالها بالحرف اللاتيني كما حدث مع اللغة الصومالية في إثيوبيا ولغة الأورومو ، وكتابة هذه اللغات بالحرف اللاتيني يعني ربط هؤلاء الأقوام بالثقافة الغربية من ناحية وفصل الإثيوبيين عن تراثهم المدون بالحرف العربي وعزلهم عن ماضيهم من ناحية أخرى .
4 - فرض اللغات الأوربية كلغات تعليم في المدارس الحكومية ، وكان الهدف من ذلك القضاء على اللغة العربية نهائياً وإبدالها باللغات الأوربية ، وبالفعل تم ذلك في إثيوبيا حينما تم إقرار اللغة الإنجليزية كلغة للتعليم الحكومي في المرحلة الثانوية والتعليم العالي([1]) .
كذلك ساعدت السياسة اللغوية في إثيوبيا على سحب البساط من تحت أقدام اللغة العربية مما أدى إلى انحسارها ، ذلك أنه تم منع استخدام اللغة العربية في المدارس الحكومية ، كما صدرت مراسيم يحرم فيها استعمال اللغة العربية في المحاكم الشرعية الخاصة بالمسلمين ([1]) . وكذلك تم فرض اللغة الأمهرية كلغة للتعليم في المرحلة الأولى وفرض اللغة الإنجليزية كلغة للتعليم الحكومي في المرحلة الثانوية والتعليم الجامعي ، مما أدى إلى تقلص المساحة التي كانت تحتلها اللغة العربية في كل أنحاء إثيوبيا وذلك بعد أن كانت لغة العلم والثقافة .
والحقيقة أننا لا يجب أن نلقي بالمسؤولية الكاملة لانحسار اللغة العربية في إثيوبيا على كاهل الاستعمار الأوربي والسياسة اللغوية التي أُتبعت في إثيوبيا ، وإن كانا قد لعبا دوراً كبيراً في هذا الجانب ، ولكن هناك عامل آخر له أهمية كبيرة وهو الوضع الحضاري والثقافي للعرب . ففي الوقت الذي كانت فيه أوربا تتقدم وتُرسخ أقدامها في إفريقيا كلها كان العرب في حالة من التأخر والتخلف الحضاري . وقد أثر ذلك بشكل كبير على الدور الثقافي للعرب في هذه المنطقة كما أدى إلى فقدان الكثير من الأرض التي كانت اللغة العربية قد كسبتها في الماضي . وخلاصة الأمر أن انتشار اللغات وتقدمها أمر مرهون بتقدم أصحابها وتفوقهم .
7 . الخاتمة:
بداية يجب أن نلاحظ أن إثيوبيا بها أرضية خصبة لنشر اللغة العربية، وذلك لكثرة عدد المسلمين بها وغالبية هؤلاء المسلمين شغوفون وفي حاجة لمعرفة شئون دينهم، الأمر الذي لن يتحقق إلا بمعرفة ولو جزئية باللغة العربية. لذلك فإن عامل الإقبال على تعلم اللغة العربية موجود بالفعل ولا يحتاج سوى تفعيل واستثارة فقط . ولكننا نلاحظ أيضا أن هناك أمراً قد يعوق ذلك الإقبال وهو
ارتباط مصلحة الأفراد بتعلم اللغات الأوربية حيث أنها تتيح فرص أكبر للوصول إلى الوظائف الرفيعة في المجتمع في حين ارتبطت اللغة العربية بالماضي ويُنظر إليها كلغة دينية يقتصر دورها على إقامة ا
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
رد: اللغة العربية في إثيوبيا " خلفيات الانتشار وعوامل الانحسار "
أختي نجمة على إفادتنا بهذه المعلومات المفيدة
حول إثيوبيا ، و هي معلومات أول مرّة أقرأها خاصة ما يتعلّق
بتعدّد اللغات المعتمدة في البلاد.
موضوع تنويري مميّز
حول إثيوبيا ، و هي معلومات أول مرّة أقرأها خاصة ما يتعلّق
بتعدّد اللغات المعتمدة في البلاد.
موضوع تنويري مميّز
رد: اللغة العربية في إثيوبيا " خلفيات الانتشار وعوامل الانحسار "
احسنت اختيار الموضوع يا نجمتنا
هل اثيوبيا هي التي كان يطلق عليها : الحبشة؟
هل اثيوبيا هي التي كان يطلق عليها : الحبشة؟
zizou- عضو مشارك
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 15/07/2010
العـــــمـــــر : 36
عـــدد المساهمـــات : 99
الـمــــــــــــزاج : بشوش
رد: اللغة العربية في إثيوبيا " خلفيات الانتشار وعوامل الانحسار "
نعم يا أخي زِيزو، هي الّتي كان يطلق عليها "الحبشة" وقد ورد تفسير ذلك في النّصّ وبأنّ الاسم من أصل عربيّ.
والحقّ أنّه غلب على ظنّنا، نحن العرب، بأنّ إثيوبيا بلد مسيحيّ لا وجود للإسلام واللّغة العربيّة به بيد أنّ هذا بعيد عن الحقيقة كلّ البعد كما بيّنه لنا كاتب المبحث.
والحقّ أنّه غلب على ظنّنا، نحن العرب، بأنّ إثيوبيا بلد مسيحيّ لا وجود للإسلام واللّغة العربيّة به بيد أنّ هذا بعيد عن الحقيقة كلّ البعد كما بيّنه لنا كاتب المبحث.
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
رد: اللغة العربية في إثيوبيا " خلفيات الانتشار وعوامل الانحسار "
أشكر لك المرور والاهتمام أخي إبراهيم. ويسعدني تبادل المعلومات، خاصّة المتعلّقة بعالمنا الإسلاميّ الفسيح والأقلّيّات المنبثّة هنا وهناك حتّى غدونا نحن المسلمين نجهلها بينما الغربيّون يعرفونها خيرا منّا ويستغلّونها لصالحهم.
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
عاشق الجنه- عضو فضي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
عـــدد المساهمـــات : 1234
مواضيع مماثلة
» شهادة التعليم متوسط
» اختبار اللغة العربية .2
» المجاز في اللغة العربية
» مذكرات اللغة العربية .س.4 ابتدائي
» نموذج لاختبار اللغة العربية
» اختبار اللغة العربية .2
» المجاز في اللغة العربية
» مذكرات اللغة العربية .س.4 ابتدائي
» نموذج لاختبار اللغة العربية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2016, 19:32 من طرف أبو إلياس
» الله هو الغنيُّ المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:29 من طرف أبو إلياس
» صفة من صفات أهل الإسلام
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:27 من طرف أبو إلياس
» آداب الإنترنت: فنون المعاتبة .. ومعالجة الأخطاء
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:26 من طرف أبو إلياس
» مركز اللغات بجامعة المدينة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 18:35 من طرف أبو إلياس
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 00:34 من طرف Nassima Tlemcen
» aidez-moi vite svp
الثلاثاء 12 يناير 2016, 16:30 من طرف أبو إلياس
» حوليات وزارة التربية 2012 في العلوم الطبيعية
الجمعة 04 ديسمبر 2015, 13:04 من طرف lynda2013
» لمـــــــــــــــــــاذا تبـــــــكي النّســـــــــــــــــــاء
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 18:46 من طرف أبو إلياس