نظريات جيولوجية في حركات البحار
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
نظريات جيولوجية في حركات البحار
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كان السير تشارلس لايل، العالم الجيولوجي المعروف قد بدأ يبحث في تأريخ علوم الجيولوجيا، فكان يراجع الكتب القديمة والمصادر التي تعالج هذا الموضوع، فوقع في يده ذات يوم جزء من كتاب (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) للقزويني، فوجد فيه حكاية أدبية وقف عندها ذاهلاً، متأملاً، لا يصدق ما هو أمامه، وراح يسأل نفسه:
أحقاً توصّل العلماء العرب إلى هذه الحقيقة؟ وهل من الممكن أن يكونوا قد سبقوا علماء الجيولوجيا الأوروبيين بعدة قرون؟.
وبلا تردد وضع تشارلس لايل هذه الحكاية في مقدمة كتابه (أصول علم الجيولوجيا) عام (1830م).
والحكاية بإيجاز وردت على لسان الخضر عليه السلام فقد مرّ ذات يوم بمكان فوجده مدينة عامرة بالناس والبساتين والحيوانات، ووجد أهلها منشغلين بحياتهم فرحين بما منّ الله به عليهم من خير عميم، فغاب الخضر عليه السلام خمسمائة عام ثم عاد إلى ذات المكان فوجده أرضاً خراباً، لا نبت فيها ولا ماء، وليس هناك ما يوحي بأنها كانت ذات يوم تزهو بالحياة الرخية الهنيئة، ويعيش أهلها بفرح ومرح دائمين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ثم غاب الخضر عليه السلام خمسمائة عام أخرى ومرّ ثالثةً من ذاك المكان فوجده بحراً هائجاً مائجاً لا أثر للأرض فيه، وكأنه مغمور بالمياه منذ عصور..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وحين غاب في المرة الرابعة وعاد كان البحر قد انقلب أحراشاً وغاباتٍ كثيفة تعجّ فيها الضواري والوحوش فتركها وهي بتلك الحال، ثم مرّ بها بعد خمسمائة عام فوجدها مدينة عامرة لا يعرف أحد من سكانها شيئاً من تأريخ بنائها وازدهارها، ولا يتذكر آباؤهم كيف جاؤوا إليها؟ ومتى؟.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لقد كانت هذه الحكاية على بساطتها وفكرتها التي تبدو خرافية قد هزّت العالم الجيولوجي الكبير فوضعها في مقدمة كتابه واعتبرها قطعة رمزية تشير بوضوح إلى معرفة العلماء العرب بحركة البر والبحر وتغيّر المواقع بين الماء واليابسة، وبين السهول والجبال.
ونحن هنا لا نريد أن نعلق كثيراً على أن العلماء العرب لم يناقشوا هذا الموضوع، أو تحدثوا عنه بالحكايات فقط، فلدينا من المصادر العربية القديمة ما يذكر هذه النظرية بوضوح كامل، وقبل أن يولد عماد الدين القزويني بأكثر من ثلاثة قرون من الزمان.
فقد خصص جماعة (إخوان الصفا وخلاّن الوفا) في منتصف القرن الرابع الهجري رسالتين من رسائلهم الاثنتين والخمسين في العلوم الجيولوجية، وقد ناقشت هاتان الرسالتان (بحدود سبعين صفحة) كثيراً من المسائل الجيولوجية التي أثبت العلماء صحة ما ورد فيها ومطابقته العجيبة للنظريات الجيولوجية الحديثة.
ويهمنا من هاتين الرسالتين الحديث عن تغيّر مواقع البر والبحر عبر التأريخ، فقد ورد فيهما ما يلي:
(واعلم، يا أخي، أن هذه المواضع تتغيّر على طول الدهر والأزمان، وتصير مواضع الجبال براري وفلوات، وتصير مواضع البراري بحاراً وغدراناً وأنهاراً، وتصير مواضع البحار جبالاً وتلالاً وسباخاً ورمالاً، وتصير مواضع العمران خراباً ومواضع الخراب عمراناً).
أما الشيخ الرئيس ابن سينا فقد بهر علماء الغرب المعاصرين بكتابه الفريد في علم الطبيعيات، الموسوم بـ(الشفاء) فقد أثبت فيه أنه عالم فذٌّ من علماء الجيولوجيا، استطاع أن يفسّر كثيراً من الظواهر الجيولوجية، وله نظريات معاصرة من نظريات القرن العشرين في الجيولوجيا. وما قرأها أحد من علماء الغرب ولم يقف إجلالاً لهذه العبقرية الفذّة التي عاشت قبل ألف عام تقريباً.
وقد صدق (سارتون) عام (1927م) حين وصفه قائلاً:
(إن ابن سينا ظاهرة فكرية ربما لا تجد من يساويه في ذكائه أو نشاطه الإنتاجي).
وقال عنه أيضاً:
(قد أعجز من جاء بعده أن يجاريه، إذ إن جميع الآراء –أو أغلبها- التي وردت في هذا الكتاب تتفق مع ما يقوله العلم الحديث في وقتنا الحاضر).
وأودّ أنْ أورد هنا نصاً يتحدث عن الظاهرة الجيولوجية، لم يذكره عالم من العلماء الكبار كابن سينا والبيروني، بل ذكره أحد الجغرافيين العرب المهمين في بداية القرن الرابع الهجري إنه الرحالة الكبير أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي في الجزء الأول من كتابه الشهير (مروج الذهب وجواهر المعدن) حيث قال:
(إن البحار تنتقل على مرور السنين وطويل الدهر حتى تصير في مواضع مختلفة. وإن جملة البحار متحركة إلا أن تلك الحركة إذا أضيف إلى جملة مياهها وسعة سطوحها وبُعْد قعورها صارت كأنها ساكنة، وليست مواضع الأرض الرطبة أبداً رطبة ولا مواضع الأرض اليابسة أبداً يابسة، ولكنها تتغيّر وتستحيل، ولهذه العلة يستحيل موضع البحر وموضع البر، فليس موضع البر أبداً براً ولا موضع البحر أبداً بحراً، بل قد يكون براً حيث كان مرّة بحراً ويكون بحراً حيث كان مرّة براً).
بعد هذا الحديث المختصر عن عمق الوعي الجيولوجي عند العرب، وقيمة ما أضافه علماؤها إلى التراث الإنساني في هذا الحقل، ألا يحق لنا أن نبتسم من سذاجة السير تشارلس لايل، حين اختار نصاً ساذجاً من كتاب (عجائب المخلوقات) للقزويني ووضعه في مقدمة كتابه (أصول علم الجيولوجيا) من دون أن يشير إلى علماء سبقوه بثلاثة قرون وعالجوا بعمق ظواهر جيولوجية عصيّة على التفكير الإنساني، ووضعوا نظريات ما زال العلماء إلى الآن يقرّون بصحّتها ومطابقتها لكلّ النظريات المعاصرة في هذا العلم؟!.
كان السير تشارلس لايل، العالم الجيولوجي المعروف قد بدأ يبحث في تأريخ علوم الجيولوجيا، فكان يراجع الكتب القديمة والمصادر التي تعالج هذا الموضوع، فوقع في يده ذات يوم جزء من كتاب (عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) للقزويني، فوجد فيه حكاية أدبية وقف عندها ذاهلاً، متأملاً، لا يصدق ما هو أمامه، وراح يسأل نفسه:
أحقاً توصّل العلماء العرب إلى هذه الحقيقة؟ وهل من الممكن أن يكونوا قد سبقوا علماء الجيولوجيا الأوروبيين بعدة قرون؟.
وبلا تردد وضع تشارلس لايل هذه الحكاية في مقدمة كتابه (أصول علم الجيولوجيا) عام (1830م).
والحكاية بإيجاز وردت على لسان الخضر عليه السلام فقد مرّ ذات يوم بمكان فوجده مدينة عامرة بالناس والبساتين والحيوانات، ووجد أهلها منشغلين بحياتهم فرحين بما منّ الله به عليهم من خير عميم، فغاب الخضر عليه السلام خمسمائة عام ثم عاد إلى ذات المكان فوجده أرضاً خراباً، لا نبت فيها ولا ماء، وليس هناك ما يوحي بأنها كانت ذات يوم تزهو بالحياة الرخية الهنيئة، ويعيش أهلها بفرح ومرح دائمين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ثم غاب الخضر عليه السلام خمسمائة عام أخرى ومرّ ثالثةً من ذاك المكان فوجده بحراً هائجاً مائجاً لا أثر للأرض فيه، وكأنه مغمور بالمياه منذ عصور..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وحين غاب في المرة الرابعة وعاد كان البحر قد انقلب أحراشاً وغاباتٍ كثيفة تعجّ فيها الضواري والوحوش فتركها وهي بتلك الحال، ثم مرّ بها بعد خمسمائة عام فوجدها مدينة عامرة لا يعرف أحد من سكانها شيئاً من تأريخ بنائها وازدهارها، ولا يتذكر آباؤهم كيف جاؤوا إليها؟ ومتى؟.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لقد كانت هذه الحكاية على بساطتها وفكرتها التي تبدو خرافية قد هزّت العالم الجيولوجي الكبير فوضعها في مقدمة كتابه واعتبرها قطعة رمزية تشير بوضوح إلى معرفة العلماء العرب بحركة البر والبحر وتغيّر المواقع بين الماء واليابسة، وبين السهول والجبال.
ونحن هنا لا نريد أن نعلق كثيراً على أن العلماء العرب لم يناقشوا هذا الموضوع، أو تحدثوا عنه بالحكايات فقط، فلدينا من المصادر العربية القديمة ما يذكر هذه النظرية بوضوح كامل، وقبل أن يولد عماد الدين القزويني بأكثر من ثلاثة قرون من الزمان.
فقد خصص جماعة (إخوان الصفا وخلاّن الوفا) في منتصف القرن الرابع الهجري رسالتين من رسائلهم الاثنتين والخمسين في العلوم الجيولوجية، وقد ناقشت هاتان الرسالتان (بحدود سبعين صفحة) كثيراً من المسائل الجيولوجية التي أثبت العلماء صحة ما ورد فيها ومطابقته العجيبة للنظريات الجيولوجية الحديثة.
ويهمنا من هاتين الرسالتين الحديث عن تغيّر مواقع البر والبحر عبر التأريخ، فقد ورد فيهما ما يلي:
(واعلم، يا أخي، أن هذه المواضع تتغيّر على طول الدهر والأزمان، وتصير مواضع الجبال براري وفلوات، وتصير مواضع البراري بحاراً وغدراناً وأنهاراً، وتصير مواضع البحار جبالاً وتلالاً وسباخاً ورمالاً، وتصير مواضع العمران خراباً ومواضع الخراب عمراناً).
أما الشيخ الرئيس ابن سينا فقد بهر علماء الغرب المعاصرين بكتابه الفريد في علم الطبيعيات، الموسوم بـ(الشفاء) فقد أثبت فيه أنه عالم فذٌّ من علماء الجيولوجيا، استطاع أن يفسّر كثيراً من الظواهر الجيولوجية، وله نظريات معاصرة من نظريات القرن العشرين في الجيولوجيا. وما قرأها أحد من علماء الغرب ولم يقف إجلالاً لهذه العبقرية الفذّة التي عاشت قبل ألف عام تقريباً.
وقد صدق (سارتون) عام (1927م) حين وصفه قائلاً:
(إن ابن سينا ظاهرة فكرية ربما لا تجد من يساويه في ذكائه أو نشاطه الإنتاجي).
وقال عنه أيضاً:
(قد أعجز من جاء بعده أن يجاريه، إذ إن جميع الآراء –أو أغلبها- التي وردت في هذا الكتاب تتفق مع ما يقوله العلم الحديث في وقتنا الحاضر).
وأودّ أنْ أورد هنا نصاً يتحدث عن الظاهرة الجيولوجية، لم يذكره عالم من العلماء الكبار كابن سينا والبيروني، بل ذكره أحد الجغرافيين العرب المهمين في بداية القرن الرابع الهجري إنه الرحالة الكبير أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي في الجزء الأول من كتابه الشهير (مروج الذهب وجواهر المعدن) حيث قال:
(إن البحار تنتقل على مرور السنين وطويل الدهر حتى تصير في مواضع مختلفة. وإن جملة البحار متحركة إلا أن تلك الحركة إذا أضيف إلى جملة مياهها وسعة سطوحها وبُعْد قعورها صارت كأنها ساكنة، وليست مواضع الأرض الرطبة أبداً رطبة ولا مواضع الأرض اليابسة أبداً يابسة، ولكنها تتغيّر وتستحيل، ولهذه العلة يستحيل موضع البحر وموضع البر، فليس موضع البر أبداً براً ولا موضع البحر أبداً بحراً، بل قد يكون براً حيث كان مرّة بحراً ويكون بحراً حيث كان مرّة براً).
بعد هذا الحديث المختصر عن عمق الوعي الجيولوجي عند العرب، وقيمة ما أضافه علماؤها إلى التراث الإنساني في هذا الحقل، ألا يحق لنا أن نبتسم من سذاجة السير تشارلس لايل، حين اختار نصاً ساذجاً من كتاب (عجائب المخلوقات) للقزويني ووضعه في مقدمة كتابه (أصول علم الجيولوجيا) من دون أن يشير إلى علماء سبقوه بثلاثة قرون وعالجوا بعمق ظواهر جيولوجية عصيّة على التفكير الإنساني، ووضعوا نظريات ما زال العلماء إلى الآن يقرّون بصحّتها ومطابقتها لكلّ النظريات المعاصرة في هذا العلم؟!.
رد: نظريات جيولوجية في حركات البحار
موضوع جيد وهام شكرااا
نسيمة- نائب المدير
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 22/07/2011
العـــــمـــــر : 43
عـــدد المساهمـــات : 2260
الـمــــــــــــزاج : هادئة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2016, 19:32 من طرف أبو إلياس
» الله هو الغنيُّ المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:29 من طرف أبو إلياس
» صفة من صفات أهل الإسلام
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:27 من طرف أبو إلياس
» آداب الإنترنت: فنون المعاتبة .. ومعالجة الأخطاء
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:26 من طرف أبو إلياس
» مركز اللغات بجامعة المدينة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 18:35 من طرف أبو إلياس
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 00:34 من طرف Nassima Tlemcen
» aidez-moi vite svp
الثلاثاء 12 يناير 2016, 16:30 من طرف أبو إلياس
» حوليات وزارة التربية 2012 في العلوم الطبيعية
الجمعة 04 ديسمبر 2015, 13:04 من طرف lynda2013
» لمـــــــــــــــــــاذا تبـــــــكي النّســـــــــــــــــــاء
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 18:46 من طرف أبو إلياس