الاختلاط بين الجنسين
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الاختلاط بين الجنسين
أولاً: معنى الاختلاط
الاختلاط في اللغة هو الممازجة، واختلط الرجال والنساء
أي: تداخل بعضهم في بعض. يُقال خَلَطْتُ الشيْء بالشيْءِ فاخْتَلَط، ومنه الخِلْطُ
([1]).
جاء في معجم «لسان العرب» في مادة «خلط»: خلط الشيء
بالشيء يخلطه خلطًا، وخلطه فاختلط: مزجه واختلطا، وخالط الشيء مخالطة وخلاطًا:
مازجَهُ ([2]).
وتعريفه بالشرع: هو امتزاج الرجل بالمرأة التي ليست
بمحرم – أي التي يباح له زواجها – اجتماعًا يؤدي إلى ريبة.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعريف
الاختلاط: «هو اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات، في مكان واحد، بحكم العمل، أو
البيع، أو الشراء، أو النزهة، أو السفر، أو نحو ذلك»([3]).
* * * *ثانيًا:
الأدلة على تحريم الاختلاط من الكتاب والسنة
أما من الكتاب فكثيرة، منها:
قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:
53].
فقد دلت هذه الآية على أن الأصل احتجاب النساء عن
الرجال، وعدم الاختلاط، قال الإمام الطبري: يقول تعالى ذكره: سؤالكم إياهن المتاع
إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها، التي
تعرض في صدور الرجال من أمر النساء وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا
يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل ([4]).
قال الواحدي في تفسيره: وكانت النساء قبل نزول هذه الآية
يبرزن للرجال فلما نزلت هذه الآية ضرب عليهن الحجاب فكانت هذه آية الحجاب بينهن
وبين الرجال ذلكم؛ أي الحجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن ([5]).
وقال السمرقندي: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا} يعني: إذا سألتم من نسائه متاعًا فلا تدخلوا عليهن {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}يعني: من خلف الستر. ويقال: خارج الباب ([6]).
وقال صاحب التفسير الكبير: يعني العين روزنة القلب؛ فإذا
لم تر العين لا يشتهي القلب، أما إن رأت العين فقد يشتهي القلب وقد لا يشتهي،
فالقلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر ([7]).
قال الشيخ السعدي: قوله تعالى: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} أي:
يكون بينكم وبينهن ستر، يستر عن النظر، لعدم الحاجة إليه، ثم ذكر حكمة ذلك بقوله: {ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} لأنه أبعد عن الريبة، وكلما بعُد الإنسان عن الأسباب الداعية إلى الشر، فإنه أسلم له، وأطهر لقلبه ([8]).
قال سيد قطب: فلا يقل أحد غير ما قال الله. لا يقل أحد
إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين
الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار
الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك... إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله
الضعاف والمهازيل الجهال المحجوبين. لا يقل أحد شيئًا من هذا... يقول الله هذا عن
نساء النبي الطاهرات. أمهات المؤمنين. وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله r ممن لا تتطاول
إليهن وإليهم الأعناق ([9]).
ومن الأدلة كذلك:
{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:
30، 31] وعن علي أن النبي -ص- قال له: «يَا عَلِي، لا تُتْبع النَّظْرَةَ؛ فإنَّما لكَ الأولىَ، وَلَيْسَت لك الآخِرة»([10]).
وعن أبي هريرة t، عن النبي r أنه قال: «العينان
زناهما النظر، والأُذنان زناهما الاستماع، واللسان زناهُ الكلام، واليد زناها البطش، والرِّجْلُ زناها الخُطا»([11]).
قال الإمام محمد بن إبراهيم آل الشيخ: فإذا نهى الشارع
عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة، وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط
يُنهى عنه؛ لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو
أسوأ منه ([12]).
ومن أدلة القرآن الكريم:
قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:
33]، قال مجاهد تلميذ عبد الله بن عباس
رضي الله عنهما: «كانت المرأة تخرج فتمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية الأولى»([13]).
قال القرطبي: «معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن
كان الخطاب لنساء النبي rفقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا
لو لم يرد دليل يخص جميع النساء، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة؟»([14]).
قال الشيخ بكر أبو زيد: «ومن نظر في آيات القرآن الكريم،
وجد أن البيوت مضافة إلى النساء في ثلاث آيات من كتاب الله تعالى، مع أن البيوت
للأزواج أو لأوليائهن، وإنما حصلت هذه الإضافة والله أعلم مراعاة لاستمرار لزوم
النساء للبيوت، فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن والتصاق به، لا إضافة تمليك، قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، وقال سبحانه: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب:
34]، وقال عز شأنه: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق:
1]»([15]).
ومن الأدلة كذلك: قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية [النور: 31].
قال ابن عباس: لا يضعن الجلباب والخمار إلا لأزواجهن أوآبائهن: {أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ} [النور:
31]([16]).
قال الإمام القرطبي: فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تبدي زينتها إلا لمن تحل له، أو لمن هي محرمة عليه على التأبيد، فهو آمن أن يتحرك طبعه إليها لوقوع اليأس له منها ([17]).
وأخرج ابن المنذر. وابن أبي شيبة عن الشعبي وفيه من الدلالة على وجوب التستر من الأجانب ([18]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فأمر الله سبحانه الرجال
والنساء بالغض من البصر وحفظ الفرج، كما أمرهم جميعًا بالتوبة، وأمر النساء خصوصًا
بالاستتار، وألا يبدين زينتهن إلى لبعولتهن ومن استثناه الله تعالى في الآية، فما ظهر من الزينة هو الثياب الظاهرة، فهذا لا جناح عليها في إبدائها إذا لم يكن في ذلك محذور آخر، فإن هذه لابد من إبدائها، وهذا قول ابن مسعود وغيره، وهو المشهور عن أحمد.
وقال ابن عباس: الوجه واليدين من الزينة الظاهرة، وهي الرواية الثانية عن أحمد، وهو قول طائفة من العلماء كالشافعي وغيره ([19]).
فمنع الشارع الحكيم جميع الأسباب
المفضية للفاحشة وميل أحدهما للآخر، ومن تلك الطُرق بلا شك هو اختلاط الجنسين بالآخر.
وأما الأدلة من السنة فكثيرة منها
1- عن أبي هريرة t قال: قال رسول
الله r: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»([20]).
قال النووي: «أما صفوف النساء؛ فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال. وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال؛ فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها.
والمراد بشرِّ الصفوف في الرجال: أقلها ثوابًا وفضلاً، وأبعدها من مطلب الشرع، وخيرها بعكسه».
ثم قال: «وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبُعْدهن عن مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك. وذم أول صفوفهن لعكس ذلك، والله أعلم»([21]). اهـ.
وهذا الحديث فيه بيان لفساد توهم قد يتوهمه بعض الناس، وهو: أن الاختلاط إنما يُنهى عنه إذا كان بالجلوس، وطول المكث في مكان واحد مع ما يصاحب ذلك من كلام وأحاديث([22]).
فهذا وإن كان منهيًا عنه بلا شك؛ فإن مجرد الاختلاط العارض الذي يقع في الطريق؛ فإنه منهي عنه أيضًا، وهذاالحديث موافقٌ لحديث أبي
هريرة t قال: قال رسول الله r: «ليس للنساء وسط الطريق»([23]).
ولعل ذلك ما دعا علي بن أبي طالب t أن ينكر ما رآه مخالفًا لتلك النصوص من اختلاط النساء بالرجال، فقال: «أما تغارون؟؛ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج»([24]).
قال ابن القيم: «وليُّ الأمر يجب عليه أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفُرج ومجامع الرجال». وقال: «وقد منع أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب t النساء من المشي في طريق الرجال، والاختلاط بهم في الطريق. فعلى ولي الأمر أن يقتدي به في ذلك».
إلى أن يقول: «ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة»([25]).
2- وعن ابن جريج: أخبرني عطاء إذ منع ابنُ هشام النساء
الطواف مع الرجال، قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي r مع الرجال؟ قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: أي! لعمري لقد أدركته بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن؛ كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرَةً من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين! قالت: انطلقي عَنْكِ، وَأَبَتْ...»([26]).
3- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r لما بنى المسجد جعل بابًا للنساء، وقال: «لو تركنا هذا الباب للنساء» قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات ([27]).
وروى نافع أن عمر t كان ينهى أن يدخل من باب النساء([28]).
4- ومن معقل بن يسار قال: قال رسول الله r: «لأن يُطعن أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له»([29])، «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط» بكسر الميم وفتح الياء وهو: ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوها «من حديد» خصه؛ لأنه أصلب من غيره وأشد بالطعن وأقوى في الإيلام «خير له من أن يمس امرأة لا تحل له» أي لا يحل له نكاحها. وإذا كان هذا في مجرد المس. والله المستعان.
قال الشيخ الألباني: وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له، ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء لأن ذلك مما يشمله المس دون شك، وقد بلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر([30]).
5- وعن أبي أمامة عن رسول الله r قال: «إياكم والخلوة بالنساء والذي نفسي بيده ما خلا رجل وامرأة إلا دخل الشيطان بينهما وليزحم رجل خنزيرًا متلطخًا بطين أو حمأة خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له»([31]).
وأما الخلوة بالمرأة الأجنبية جاءت الأدلة بتحريمها، ومنها:
1- قال r: «لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان»([32]).
قال الإمام أبو بكر الكاساني: «فإن كان في البيت امرأة أجنبية أو ذات رحم محرم لا يحل للرجل أن يخلو لها؛ لأن فيه خوف الفتنة والوقوع في الحرام»([33]).
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم»([34]).
3- وقال النبي r: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها مَحْرَم» فقال رجل: يا
رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج؟ فقال: «اخرج معها»([35]).
4- وعن عقبة بن عامر t أن رسول الله r قال: «إياكم والدخول على النساء»، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحموَ؟ قال: «الحمو الموت»([36]).
5- وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كنت عند رسول الله rوعنده ميمونة
فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أُمِرْنا بالحجاب فقال النبي r: «احتجبا منه».
فقلنا: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟! فقال النبي r: «أفعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه؟!([37]) وهذا الحديث فيه الدلالة على أن النساء تحتجب عن
الرجال، وحتى عمن كان أعمى
كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
27/7/1429هـ
رد: الاختلاط بين الجنسين
لو كان المسلمون طبقوا ما جاء في القرآن و السنة
حول هذه المسألة لما وجدت الأمهات العازبات و دور اليتامى و المتشردين.
أشكرك أخي على هذا الموضوع الذي استغربت خلوه
من ردود الأعضاء رغم أهميته.
حول هذه المسألة لما وجدت الأمهات العازبات و دور اليتامى و المتشردين.
أشكرك أخي على هذا الموضوع الذي استغربت خلوه
من ردود الأعضاء رغم أهميته.
أم درمان- عضو نشيط
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 12/12/2009
العـــــمـــــر : 30
عـــدد المساهمـــات : 107
الـمــــــــــــزاج : هادئ نسبيا
مواضيع مماثلة
» ما حكم الاختلاط مع الدليل ؟
» الاختلاط في احتفالات المزامير والغناء سبب بداية وقوع الفاحشة في بني آدم
» الاختلاط في احتفالات المزامير والغناء سبب بداية وقوع الفاحشة في بني آدم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2016, 19:32 من طرف أبو إلياس
» الله هو الغنيُّ المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:29 من طرف أبو إلياس
» صفة من صفات أهل الإسلام
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:27 من طرف أبو إلياس
» آداب الإنترنت: فنون المعاتبة .. ومعالجة الأخطاء
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:26 من طرف أبو إلياس
» مركز اللغات بجامعة المدينة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 18:35 من طرف أبو إلياس
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 00:34 من طرف Nassima Tlemcen
» aidez-moi vite svp
الثلاثاء 12 يناير 2016, 16:30 من طرف أبو إلياس
» حوليات وزارة التربية 2012 في العلوم الطبيعية
الجمعة 04 ديسمبر 2015, 13:04 من طرف lynda2013
» لمـــــــــــــــــــاذا تبـــــــكي النّســـــــــــــــــــاء
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 18:46 من طرف أبو إلياس