حياة صاحب الشّريعة محمّد (ص)
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حياة صاحب الشّريعة محمّد (ص)
صاحِبُ الشَّرِيعَةِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
هُو سَيِّدُنا مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنافٍ بْنِ قُصَيٍّ مِنْ أَبْناءِ إسْماعِيلَ بْنِ إبْراهِيمَ الْخَلَيلِ أَبِي الْعَرَبِ الْمُسْتَعْرِبَةِ. وُلِدَ في مَكَّةَ ونَشَأَ بها يَتِيماً ورَبَّتْهُ أُمُّهُ آمِنَةُ بْنُتُ وَهْبٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وأَرْضَعَتْهُ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ مِنْ عَرَبِ الْبَوَادِي وماتَتْ أُمُّهُ وعُمْرُهُ سِتُّ سِنِينَ فَعالَهُ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ ماتَ جَدُّهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَكَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُو طالِبٍ.
وعِنْدَما بَلَغَ أَشُدَّهُ تَوَلَّى رَعْيَ الْغَنَمِ بِالْبادِيَةِ مَعَ إخْوَتِهِ في الرَّضاعِ وكَذَلِكَ كانَتِ الأَنْبِياءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فما مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ رَعاها وهَذِهِ مِنْ حِكَمِ اللهِ سُبْحانَهُ وتَعالَى. فإنَّ الإنْسانَ إذا اسْتَرْعَى الْغَنَمَ -وهِيَ أَضْعَفُ الْبَهائمِ- سَكَنَ قَلْبَهُ الرِّفْقُ والرَّحْمَةُ فإذا انْتَقَلَ مِنْ ذَلِكَ إلى رِعايَةِ الْخَلْقِ كانَ هَذَّبَ نَفْسَهُ وخَلَّصَها مِنْ شَوَائبِ الْخُلُقِ الْغَرِيزِيَّةِ كَالْحِدَّةِ والْحَسَدِ.
ثُمَّ اشْتَغَلَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالتِّجارَةِ وكانَ شَرِيكَهُ فِيها السَّائبُ وخرَجَ إلى الشَّامِ يَتْجَرُ لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ مِنْ سَراةِ بَنِي أَسْدٍ وشَرُفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ خَدِيجَةُ بِزَوَاجِهِ مِنْها فَكانَ يَعْمَلُ في مالِها تاجِراً.
صِفاتُهُ: كان رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَسَطَ الْقامَةِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبائنِ ولا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ، مُعْتَدِلَ السَّمْنِ، ضَخْمَ الرَّأْسِ، عَظِيمَ الْهامَةِ، صَلْتَ الْجَبِينِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، واسِعَ الْعَيْنَيْنِ أَسْوَدَهُما، أَزَجَّ الْحاجِبَيْنِ سابِغَهُما، أَهْدَبَ الأَشْفارِ، صَبِيحَ الْوَجْهِ مُدَوَّرَهُ، مُسْتَوِيَ الأَنْفِ، مُفْلَجَ الأَسْنانِ، رَجِلَ الشَّعْرِ حَسَنَهُ، عَرِيضَ الصَّدْرِ، رَحْبَ الرَّاحَتَيْنِ، سائلَ الأَطْرافِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ فَلاَ بِالآدَمِ ولا بِالشَّدِيدِ الْبَياضِ.
وكانَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَفْصَحَ قَوْمِهِ لِساناً وأَرْجَحَهُمْ عَقْلاً وأَصَحَّهُمْ فَهْماً وأَعْظَمَهُمْ أَمانَةً وخَيْرَهُمْ جِوَاراً وأَصْدَقَهُمْ حَدِيثاً وأَكْثَرَهُمُ اتِّصافاً بِمَكارِمِ الأَخْلاقِ.
ولَمَّا بَلَغَ الأَرْبَعِينَ مِنْ عُمُرِهِ أَرْسَلَهُ اللهُ لِلْعالَمِينَ بَشِيراً ونَذِيراً إذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وهُوَ قائمٌ عَلى جَبَلِ حِراءٍ قَرِيباً مِنْ مَكَّةَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدْعُو لِعِبادَةِ اللهِ وَحْدَهُ أَقْوَاماً لا دِينَ لَهُمْ إلاَّ أَنْ يَسْجُدُوا لِلأَصْنامِ فَآمَنَتْ بِهِ زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ وابْنُ عَمِّهِ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وصَدِيقُهُ أَبُو بَكْرٍ ومَوْلاهُ زَيْدُ بْنُ حارِثَةَ الْكَلْبِيُّ وحاضِنَتُهُ أُمُّ أَيْمَنَ.
وجَمَعَ رَسُولُ اللهِ عَشِيرَتَهُ –وهُمْ بَنُو هاشِمٍ وبَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وبَنُو نَوْفَلٍ وبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وأَوْلادُ عَبْدِ مَنافٍ- وقالَ لَهُمْ:
-" إنَّ الرَّائدَ لا يَكْذِبُ أَهْلَهُ. واللهِ لَوْ كَذَبْتُ النَّاسَ جَمِيعاً ما كَذَبْتُكُمْ ولَوْ غَرَرْتُ النَّاسَ جَمِيعاً ما غَرَرْتُكُمْ. واللهِ الّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ إنِّي لَرَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ خاصَّةً وإلى النَّاسِ كافَّةً."
فَقالُوا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً إلاَّ عَمَّهُ أَبا لَهَبٍ.
فَلَمَّا جَهَرَ رَسُولُ اللهِ بِالدَّعْوَةِ إلى الإسْلامِ بِتَوْحِيدِ اللهِ ونَبْذِ الأَوْثانِ، سَخِرَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ واسْتَهْزَأُوا بِهِ في مَجالِسِهِمْ وأَضْمَرُوا لَهُ الْحِقْدَ والْعَدَاوَةَ وآذَوْهُ كَثِيراً وكانَ أَشَدَّهُمْ في ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بْنُ هِشامٍ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ الْقُرَشِيِّ.
ثُمَّ أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَمُّ رَسُولِ اللهِ وعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَوِيَ بِهِما وأَسْلَمَ بِمَكَّةَ نَفَرٌ مِنْ وَلَدِ الأَوْسِ والْخَزْرَجِ –وهُما قَبِيلَتانِ من أَْهْلِ الْمَدِينَةِ وعادُوا إلَيْها فَانْتَشَرَ فِيها الإسْلامُ بِهمْ، وَوَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللهِ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِهَا يَدْعُونَهُ وأَصْحَابَهُ إلَى الْهِجْرَةِ إلَيْهِمْ فَهَاجَرَ وبِهِجْرَتِهِ إلَى الْمدِينَةِ اِبْتَدَأَ التَّارِيخُ الْهِجْرِيُّ.
وَلَمْ يُقاتِلْ رَسُولُ اللهِ أَحَداً عَلى الدُّخُولِ فِي الدِّينِ، بَلْ كانَ أَمْرُهُ مَقْصُوراً عَلَى التَّبْشِيرِ والإنْذارِ فَلَمَّا ازْدَادَ طُغْيانُ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَخْرَجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيارِهِمْ وائْتَمَرُوا مَعَ غَيْرِهِمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ عَلى قَتْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَذِنَ اللهُ سُبْحانَهُ وتَعَالَى بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً فَكَانَتْ أَوَّلُ حَرْبٍ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ وبَيْنَهُمْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وتَلَتْها غَزَوَاتٌ عِدَّةٌ كَانَ النَّصْرُ فِي أَكْثَرِها لِرَسُولِ اللهِ ولِجَمَاعَتِهِ.
وبَعَثَ رَسُولُ اللهِ رُسُلَهُ يَدْعُونَ إلَى الإسْلامِ وهُمْ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ إلى هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّومِ وعَبْدُ اللهِ بْنُ حُذافَةَ إلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ وشُجَاعٌ الأَسْدِيُّ إلى الْحارِثِ الْغَسَّانِيِّ مَلِكِ الْبَلْقاءِ بِالشَّامِ وَالْحاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إلَى الْمُقَوْقَسِ أَمِيرِ مِصْرَ، وسُلَيْطُ بْنُ عُمَرَ والْعامِرِيُّ إلى هَوْدَةَ صاحِبِ الْيَمَامَةِ وبَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ إلَى النَّجاشِيِّ أَصْحَمَةَ مَلِكِ الْحَبَشَةِ فأَسْلَمَ وعَمْرُو بْنُ الْعاصِ إلى جَيْفَرَ وعَبْدَلَ مَلِكَيْ عَمَّانَ فَأَسْلَمَا والْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ إلى الْمُنْذِرِ مَلِكِ الْبَحْرَيْنِ فَأَسْلَمَ وخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إلى بَنِي عَبْدِ الْمَدَّانِ وعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إلى بَنِي مَذْحِجٍ فِي أَرْضِ الْيَمَنِ فَأَسْلَمُوا وأَسْلَمَتْ هَمَدَانُ وتابَعَها سائرُ أَهْلِ الْيَمَنِ ومُلُوكُ حِمْيَرٍ ثُمَّ أَقْبَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وُفُودُ الْعَرَبِ جَمِيعاً عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُبايِعُونَهُ عَلَى الإسْلامِ.
وحَجَّ رَسُولُ اللهِ فَخَطَبَ فِي النَّاسِ خُطْبَةَ الْوَدَاعِ وهِيَ أَكْثَرُ خُطَبِهِ اسْتِيعاباً لأُمُورِ الدِّينِ والدُّنْيا. وفي يَوْمِ الاِثْنَيْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إحْدَى عَشَرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، تُوُفِّيَ رَسُولُ الله بِالْمَدِينَةِ وفِيها دُفِنَ ولَهُ مِنَ الْعُمْرِ ثَلاثٌ وسِتُّونَ سَنَةً قَمَرِيَّةً وثَلاَثَةُ أَيَّامٍ.
أحمد الهاشميّ
(جواهر الأدب)
شرح المفردات حسب لسان العرب:
رجل صَلْتُ الجَبين: واضحُه.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه سَهْل الخَدَّين صَلْتُهُما أَي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين.
والزَّجَجُ: رِقَّة مَحَطِّ الحاجبين ودِقَّتُهُما وطولهما وسُبُوغُهما واسْتِقْواسُهُما؛ وقيل: الزَّجَجُ دِقَّة في الحاجبين وطُولٌ؛ والرجل أَزَجُّ، وحاجب أَزَجُّ ومُزَجَّجٌ.
شيء سابغٌ أَي كامِلٌ وافٍ.
والمُرَجَّل الشعر المُسَرَّح، ويقال للمشط مِرْجَل ومِسْرَح.
هُو سَيِّدُنا مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هاشِمٍ بْنِ عَبْدِ مَنافٍ بْنِ قُصَيٍّ مِنْ أَبْناءِ إسْماعِيلَ بْنِ إبْراهِيمَ الْخَلَيلِ أَبِي الْعَرَبِ الْمُسْتَعْرِبَةِ. وُلِدَ في مَكَّةَ ونَشَأَ بها يَتِيماً ورَبَّتْهُ أُمُّهُ آمِنَةُ بْنُتُ وَهْبٍ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وأَرْضَعَتْهُ حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ مِنْ عَرَبِ الْبَوَادِي وماتَتْ أُمُّهُ وعُمْرُهُ سِتُّ سِنِينَ فَعالَهُ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ ماتَ جَدُّهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَكَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُو طالِبٍ.
وعِنْدَما بَلَغَ أَشُدَّهُ تَوَلَّى رَعْيَ الْغَنَمِ بِالْبادِيَةِ مَعَ إخْوَتِهِ في الرَّضاعِ وكَذَلِكَ كانَتِ الأَنْبِياءُ عَلَيْهِمُ السَّلامُ فما مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ رَعاها وهَذِهِ مِنْ حِكَمِ اللهِ سُبْحانَهُ وتَعالَى. فإنَّ الإنْسانَ إذا اسْتَرْعَى الْغَنَمَ -وهِيَ أَضْعَفُ الْبَهائمِ- سَكَنَ قَلْبَهُ الرِّفْقُ والرَّحْمَةُ فإذا انْتَقَلَ مِنْ ذَلِكَ إلى رِعايَةِ الْخَلْقِ كانَ هَذَّبَ نَفْسَهُ وخَلَّصَها مِنْ شَوَائبِ الْخُلُقِ الْغَرِيزِيَّةِ كَالْحِدَّةِ والْحَسَدِ.
ثُمَّ اشْتَغَلَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالتِّجارَةِ وكانَ شَرِيكَهُ فِيها السَّائبُ وخرَجَ إلى الشَّامِ يَتْجَرُ لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ مِنْ سَراةِ بَنِي أَسْدٍ وشَرُفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ خَدِيجَةُ بِزَوَاجِهِ مِنْها فَكانَ يَعْمَلُ في مالِها تاجِراً.
صِفاتُهُ: كان رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَسَطَ الْقامَةِ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبائنِ ولا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ، مُعْتَدِلَ السَّمْنِ، ضَخْمَ الرَّأْسِ، عَظِيمَ الْهامَةِ، صَلْتَ الْجَبِينِ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ، واسِعَ الْعَيْنَيْنِ أَسْوَدَهُما، أَزَجَّ الْحاجِبَيْنِ سابِغَهُما، أَهْدَبَ الأَشْفارِ، صَبِيحَ الْوَجْهِ مُدَوَّرَهُ، مُسْتَوِيَ الأَنْفِ، مُفْلَجَ الأَسْنانِ، رَجِلَ الشَّعْرِ حَسَنَهُ، عَرِيضَ الصَّدْرِ، رَحْبَ الرَّاحَتَيْنِ، سائلَ الأَطْرافِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ فَلاَ بِالآدَمِ ولا بِالشَّدِيدِ الْبَياضِ.
وكانَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَفْصَحَ قَوْمِهِ لِساناً وأَرْجَحَهُمْ عَقْلاً وأَصَحَّهُمْ فَهْماً وأَعْظَمَهُمْ أَمانَةً وخَيْرَهُمْ جِوَاراً وأَصْدَقَهُمْ حَدِيثاً وأَكْثَرَهُمُ اتِّصافاً بِمَكارِمِ الأَخْلاقِ.
ولَمَّا بَلَغَ الأَرْبَعِينَ مِنْ عُمُرِهِ أَرْسَلَهُ اللهُ لِلْعالَمِينَ بَشِيراً ونَذِيراً إذْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وهُوَ قائمٌ عَلى جَبَلِ حِراءٍ قَرِيباً مِنْ مَكَّةَ فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدْعُو لِعِبادَةِ اللهِ وَحْدَهُ أَقْوَاماً لا دِينَ لَهُمْ إلاَّ أَنْ يَسْجُدُوا لِلأَصْنامِ فَآمَنَتْ بِهِ زَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ وابْنُ عَمِّهِ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وصَدِيقُهُ أَبُو بَكْرٍ ومَوْلاهُ زَيْدُ بْنُ حارِثَةَ الْكَلْبِيُّ وحاضِنَتُهُ أُمُّ أَيْمَنَ.
وجَمَعَ رَسُولُ اللهِ عَشِيرَتَهُ –وهُمْ بَنُو هاشِمٍ وبَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وبَنُو نَوْفَلٍ وبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وأَوْلادُ عَبْدِ مَنافٍ- وقالَ لَهُمْ:
-" إنَّ الرَّائدَ لا يَكْذِبُ أَهْلَهُ. واللهِ لَوْ كَذَبْتُ النَّاسَ جَمِيعاً ما كَذَبْتُكُمْ ولَوْ غَرَرْتُ النَّاسَ جَمِيعاً ما غَرَرْتُكُمْ. واللهِ الّذِي لا إلَهَ إلاَّ هُوَ إنِّي لَرَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ خاصَّةً وإلى النَّاسِ كافَّةً."
فَقالُوا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً إلاَّ عَمَّهُ أَبا لَهَبٍ.
فَلَمَّا جَهَرَ رَسُولُ اللهِ بِالدَّعْوَةِ إلى الإسْلامِ بِتَوْحِيدِ اللهِ ونَبْذِ الأَوْثانِ، سَخِرَتْ مِنْهُ قُرَيْشٌ واسْتَهْزَأُوا بِهِ في مَجالِسِهِمْ وأَضْمَرُوا لَهُ الْحِقْدَ والْعَدَاوَةَ وآذَوْهُ كَثِيراً وكانَ أَشَدَّهُمْ في ذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ عَمْرُو بْنُ هِشامٍ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ الْقُرَشِيِّ.
ثُمَّ أَسْلَمَ حَمْزَةُ عَمُّ رَسُولِ اللهِ وعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَوِيَ بِهِما وأَسْلَمَ بِمَكَّةَ نَفَرٌ مِنْ وَلَدِ الأَوْسِ والْخَزْرَجِ –وهُما قَبِيلَتانِ من أَْهْلِ الْمَدِينَةِ وعادُوا إلَيْها فَانْتَشَرَ فِيها الإسْلامُ بِهمْ، وَوَفَدَ عَلَى رَسُولِ اللهِ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِهَا يَدْعُونَهُ وأَصْحَابَهُ إلَى الْهِجْرَةِ إلَيْهِمْ فَهَاجَرَ وبِهِجْرَتِهِ إلَى الْمدِينَةِ اِبْتَدَأَ التَّارِيخُ الْهِجْرِيُّ.
وَلَمْ يُقاتِلْ رَسُولُ اللهِ أَحَداً عَلى الدُّخُولِ فِي الدِّينِ، بَلْ كانَ أَمْرُهُ مَقْصُوراً عَلَى التَّبْشِيرِ والإنْذارِ فَلَمَّا ازْدَادَ طُغْيانُ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَخْرَجُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيارِهِمْ وائْتَمَرُوا مَعَ غَيْرِهِمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ عَلى قَتْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَذِنَ اللهُ سُبْحانَهُ وتَعَالَى بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً فَكَانَتْ أَوَّلُ حَرْبٍ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ وبَيْنَهُمْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وتَلَتْها غَزَوَاتٌ عِدَّةٌ كَانَ النَّصْرُ فِي أَكْثَرِها لِرَسُولِ اللهِ ولِجَمَاعَتِهِ.
وبَعَثَ رَسُولُ اللهِ رُسُلَهُ يَدْعُونَ إلَى الإسْلامِ وهُمْ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ إلى هِرَقْلَ مَلِكِ الرُّومِ وعَبْدُ اللهِ بْنُ حُذافَةَ إلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ وشُجَاعٌ الأَسْدِيُّ إلى الْحارِثِ الْغَسَّانِيِّ مَلِكِ الْبَلْقاءِ بِالشَّامِ وَالْحاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إلَى الْمُقَوْقَسِ أَمِيرِ مِصْرَ، وسُلَيْطُ بْنُ عُمَرَ والْعامِرِيُّ إلى هَوْدَةَ صاحِبِ الْيَمَامَةِ وبَعَثَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ إلَى النَّجاشِيِّ أَصْحَمَةَ مَلِكِ الْحَبَشَةِ فأَسْلَمَ وعَمْرُو بْنُ الْعاصِ إلى جَيْفَرَ وعَبْدَلَ مَلِكَيْ عَمَّانَ فَأَسْلَمَا والْعَلاءُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَضْرَمِيِّ إلى الْمُنْذِرِ مَلِكِ الْبَحْرَيْنِ فَأَسْلَمَ وخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إلى بَنِي عَبْدِ الْمَدَّانِ وعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إلى بَنِي مَذْحِجٍ فِي أَرْضِ الْيَمَنِ فَأَسْلَمُوا وأَسْلَمَتْ هَمَدَانُ وتابَعَها سائرُ أَهْلِ الْيَمَنِ ومُلُوكُ حِمْيَرٍ ثُمَّ أَقْبَلَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وُفُودُ الْعَرَبِ جَمِيعاً عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُبايِعُونَهُ عَلَى الإسْلامِ.
وحَجَّ رَسُولُ اللهِ فَخَطَبَ فِي النَّاسِ خُطْبَةَ الْوَدَاعِ وهِيَ أَكْثَرُ خُطَبِهِ اسْتِيعاباً لأُمُورِ الدِّينِ والدُّنْيا. وفي يَوْمِ الاِثْنَيْنِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إحْدَى عَشَرَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ، تُوُفِّيَ رَسُولُ الله بِالْمَدِينَةِ وفِيها دُفِنَ ولَهُ مِنَ الْعُمْرِ ثَلاثٌ وسِتُّونَ سَنَةً قَمَرِيَّةً وثَلاَثَةُ أَيَّامٍ.
أحمد الهاشميّ
(جواهر الأدب)
شرح المفردات حسب لسان العرب:
رجل صَلْتُ الجَبين: واضحُه.
وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه سَهْل الخَدَّين صَلْتُهُما أَي سائل الخدين غير مرتفع الوجنتين.
والزَّجَجُ: رِقَّة مَحَطِّ الحاجبين ودِقَّتُهُما وطولهما وسُبُوغُهما واسْتِقْواسُهُما؛ وقيل: الزَّجَجُ دِقَّة في الحاجبين وطُولٌ؛ والرجل أَزَجُّ، وحاجب أَزَجُّ ومُزَجَّجٌ.
شيء سابغٌ أَي كامِلٌ وافٍ.
والمُرَجَّل الشعر المُسَرَّح، ويقال للمشط مِرْجَل ومِسْرَح.
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
رد: حياة صاحب الشّريعة محمّد (ص)
بارك الله فيك
موضوع شيق
موضوع شيق
aissa.b- عضو برونزي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 19/11/2010
العـــــمـــــر : 29
عـــدد المساهمـــات : 885
الـمــــــــــــزاج : هادىء
عاشق الجنه- عضو فضي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
عـــدد المساهمـــات : 1234
نجمة سيّدأحمد- عضو مميز
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 04/12/2010
العـــــمـــــر : 56
عـــدد المساهمـــات : 695
الـمــــــــــــزاج : حادّ
رد: حياة صاحب الشّريعة محمّد (ص)
و فيك بارك الله
عاشق الجنه- عضو فضي
- الجـــنـــس :
تاريخ التسجيل : 27/03/2010
عـــدد المساهمـــات : 1234
مواضيع مماثلة
» العلاّمة محمّد بن أبي شنب
» صلّى الله على محمّد
» هل تعرفون صاحب هذا الالبوم ؟
» لله ياخذ صاحب المنتدي وكل الموجودين اعذروني مجبور اقول كده
» حياة الصحابة _ دروس و عبر _
» صلّى الله على محمّد
» هل تعرفون صاحب هذا الالبوم ؟
» لله ياخذ صاحب المنتدي وكل الموجودين اعذروني مجبور اقول كده
» حياة الصحابة _ دروس و عبر _
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 08 فبراير 2016, 19:32 من طرف أبو إلياس
» الله هو الغنيُّ المطلق والخلق فقراء محتاجون إليه
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:29 من طرف أبو إلياس
» صفة من صفات أهل الإسلام
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:27 من طرف أبو إلياس
» آداب الإنترنت: فنون المعاتبة .. ومعالجة الأخطاء
الإثنين 08 فبراير 2016, 18:26 من طرف أبو إلياس
» مركز اللغات بجامعة المدينة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 18:35 من طرف أبو إلياس
» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
الثلاثاء 19 يناير 2016, 00:34 من طرف Nassima Tlemcen
» aidez-moi vite svp
الثلاثاء 12 يناير 2016, 16:30 من طرف أبو إلياس
» حوليات وزارة التربية 2012 في العلوم الطبيعية
الجمعة 04 ديسمبر 2015, 13:04 من طرف lynda2013
» لمـــــــــــــــــــاذا تبـــــــكي النّســـــــــــــــــــاء
الأربعاء 18 نوفمبر 2015, 18:46 من طرف أبو إلياس